اسرائيل بالعربية – اليهود في المغرب


اسرائيل بالعربية – اليهود في المغرب

 

عاشت اسرائيل بالامس في بعض مناطقها اعمال شغب من قبل سكانها العرب، احتجاجا على خطة برافر، التي جاءت محاولة لتنظيم السكن ووضع حد لعمليات الاستيلاء على الاراضي من قبل البدو مع تامين سكن لهم وتعويضات.

 
لكن يبدو ان التنظيم وحسن الادارة ليست من “الشيم” الذي اعتاد عليها هؤلاء.
 
حق التظاهر والاعتراض على اي خطة، بغض النظر سواء كانت ايجابية او سلبية، هي حق اي مواطن، لكن الحقوق تقف عند الكره والبغيضة، وعندما ترفع راية تعكس العنصرية عند هؤلاء.

 

http://www.israelinarabic.com/%D9%8A%D8%A7-%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D9%8A%D8%B3%D8%AA-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D9%8A%D9%84%D9%88%D8%A7/

اسرائيل بالعربية – اليهود في المغرب

 

سلامٌ على سلامِ أمراء الحروب والارهاب

كلمات دلالية:   

ها هي 2013 ترحل! وفي ايامها الاخيرة تطبع جرحا لطالما ما تكرر ، يتمثل باطلاق سراح ثلة من الارهابيين على ثلاث دفعات كفدية لعملية سلام لا يريدها الجانب الثاني. دموع العائلات الثكلى لم تجف، على الاحبة … ليصبح الجرح اكثر عمقا بتحرير القتلة .

http://www.israelinarabic.com/%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8C-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%90-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8/

اسرائيل بالعربية – اليهود في المغرب

الشيخ أحمد العدوان: لا يوجد شئ في القرآن الكريم اسمه “فلسطين”

 

 قال  الشيخ أحمد العدوان وهو عالم إسلامي مقيم في لأردن عبر صفحته الشخصية علي فيس بوك ان  لا يوجد شئ في القرآن الكريم اسمه “فلسطين”: “”كتب الله تعالى الارض المقدسة لبني اسرائيل الى يوم القيامة ، الاية 21 من سورة المائدة ، واورثها لهم بقوله تعالى ( كذلك وأورثناها بني اسرائيل ) سورة الشعراء 59، اقول للمحرفين عن كتاب ربهم القرآن الكريم من اين أتيتم باسم فلسطين يا كذابين يا ملاعين وقد سماها الله تعالى الارض المقدسة وأورثها بني اسرائيل الى يوم القيامة ، لا يوجد شئ في القرآن الكريم اسمه فلسطين ، اذا مطالبتكم بارض اسرائيل باطلا واعتداء على القرآن وعلى اليهود وعلى ارضهم وبالتالي لن تفلحوا وسيخزيكم الله ويخذلكم كونه تعالى هو الذي يدافع عنهم”.

Read more 

http://www.israelinarabic.com/%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%8a%d8%ae-%d8%a3%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d9%88%d8%a7%d9%86-%d9%84%d8%a7-%d9%8a%d9%88%d8%ac%d8%af-%d8%b4%d8%a6-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d8%a2%d9%86/

اسرائيل بالعربية – اليهود في المغرب

لمتحف اليهودي في الدار البيضاء.. الوحيد في العالم العربي ومحافظته مسلمة

شاهد على التعايش بين اليهود والمسلمين في المغرب.. وأكثر زواره أميركيون وإنجليز

 
بعض مقتنيات المتحف اليهودي في المغرب
الدار البيضاء: فؤاد الفلوس 
المتحف اليهودي الوحيد في العالم العربي تحتضنه مدينة الدار البيضاء، وقد يكون ذلك إشارة دالة على استمرار تعايش اليهود مع المسلمين في المغرب، وهذا يتجلى أيضا في وجود الملاحات (الأحياء اليهودية) والنوادي والمدارس، والمقابر اليهودية أيضا.في عام 1995 كان المتحف اليهودي باكورة أعمال مؤسسة التراث اليهودي المغربي، وهي مبادرة خاصة أطلقها مجلس الطائفة اليهودية في المغرب بدعم من الحكومة المغربية. وقامت المؤسسة بترميم وصيانة «البيعات»، أماكن الصلاة لدى اليهود، التي تتميز بطرازها التقليدي والمعماري مغربي، وتجميع التحف اليهودية داخل المغرب وخارجه. ومن مهام المؤسسة أيضا التعريف بالتراث اليهودي المغربي داخل المؤسسات التعليمية والتربوية والجامعات، وتنظيم معارض تعرف بتاريخ المغرب واليهود، إضافة إلى طباعة الكتب والمنشورات، وجمع تسجيلات حول ما أنجز من أفلام وثائقية عن اليهود، ووثائق، وخاصة الأغاني.

جرى الافتتاح الرسمي للمتحف عام 1997، وكان المبنى قبل ذلك دارا للأيتام اليهود في عام 1948. وكما سبقت الإشارة إلى ذلك فإن أهم ما يميزه عن باقي المتاحف كونه الوحيد من نوعه في العالم العربي، كما أن ما يميزه عن غيره أن محافظته المسلمة الوحيدة في العالم التي تدير متحفا يهوديا. وحتى المتاحف اليهودية الكبرى في أوروبا وأميركا وإسرائيل فجميعها تدار من قبل يهود. ويرأس المتحف حاليا بعد وفاة شمعون ليفي، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقا)، في ديسمبر (كانون الأول) 2011، جاك توليدانو.

وقالت زهور رحيحيل، محافظة المتحف، لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لدي أدنى مشكلة في أن أخدم في التراث بصفة عامة سواء بالنسبة للتراث العربي الإسلامي أو التراث اليهودي المغربي أو الأمازيغي». وزادت قائلة «أن تكون في موقع للتعريف بالثقافة والحضارة فهو أمر جد صعب، ذلك أنه يتطلب جهدا وفيرا ونضالا ثقافيا». وعدت رحيحيل ذلك فرصة لها من أجل اكتشاف التراث والثقافة، مضيفة أنها عرفت العديد من الأشياء التي كانت تجهلها بفضل عملها في المتحف. وترى أن هناك العديد من القواسم المشتركة في ثقافة اليهود والمسلمين، مثل الختان والصوم وارتداء القفطان والحناء والمأكولات مثل الكسكس والطاجين، إلى غير ذلك من العادات والتقاليد. وأشارت رحيحيل إلى أن المتحف يزوره المغاربة والأجانب، ونفت زيارة اليهود الإسرائيليين له بسبب قلتهم، وقالت إنهم يزورون فقط عائلاتهم القاطنة في المغرب، ومقابر أقاربهم، مبرزة أن الأكثر زيارة للمتحف من الأجانب هم السياح الأميركيون والإنجليز.

يقع المتحف في أكبر مدينة في المغرب، كانت ولا تزال تضم أكبر تجمع لليهود بصفتها العاصمة الاقتصادية للبلاد، حيث شكلت مركز عمل معظمهم، رغم تقلص أعدادهم حيث أصبحوا لا يتجاوزون خمسة آلاف يهودي في جميع أنحاء المغرب، لكن 2000 منهم يعيشون في الدار البيضاء.

يذكر أن اليهود في المغرب كانوا موزعين على جميع المدن والأرياف والجبال، وكل المدن الكبيرة كانت لديها ملاحاتها مثل فاس ومكناس ومراكش والصويرة وطنجة وأصيلة وتطوان ووجدة والرباط وسلا وآسفي والدار البيضاء وأبي الجعد ووزان ودبدو، أما اليوم فلم يعد لهم حضور في معظم المدن.

وعزت رحيحيل أسباب تقلص اليهود في المغرب إلى سلسلة من الهجرات منذ نهاية عقد الثلاثينات من القرن الماضي، خاصة عند الإعلان عن تأسيس دولة إسرائيل سنة 1948، بينما ارتبطت باقي هجراتهم بالحروب العربية – الإسرائيلية.

ويحتوي المتحف الإثنوغرافي بعض مكونات التراث المغربي اليهودي المحلي. بالنسبة للأزياء والألبسة التقليدية مثلا، هناك بعض الفروقات البسيطة التي تهم القفطان والجلباب من حيث اللون وبعض الإضافات مثل العمامة السوداء. كما يعرض المتحف الحلي والمجوهرات وكل ما يتعلق بالعبادات والتقاليد الدينية المحلية لليهود المغاربة، ذلك أن التقليد اليهودي في المغرب يختلف كثيرا عن غيره في ألمانيا وأميركا ودول أخرى، بيد أن السياق الثقافي للحضارة المغربية كان له تأثير قوي على الممارسة الشعائرية والدينية لليهود. ومثال ذلك أن اللباس الذي يرتديه «سفر التوراة» ذو طراز مغربي مطرز بخيوط ذهبية تسمى في المغرب «الصقلي»، إذ بمجرد مشاهدته تعرف أنه لباس «التوراة المغربية»، كما أنه يحتوي على عمودين مزينين بطريقة مغربية، إضافة إلى «الكيسان»، أو ما يسمى بالقناديل أو المصابيح التي تضيء البيعات، تلك القناديل لا يمكن إيجاد مثيل لها في بلاد أخرى إلا إذا كان أصلها مغربيا، وهذا راجع بالأساس إلى تأثير الثقافة المغربية على اليهود.

يتوفر المتحف اليهودي أيضا على جميع تسجيلات المغنين اليهود وأعلام الطرب والغناء اليهودي في المغرب مثل سليم الهلالي وسامي المغربي وزهرة الفاسية وماكسيم كروتشي. وتوجد فيه مجموعة من الأفلام الوثائقية والأفلام السينمائية عن اليهود المغاربة، كما يحتوي على مجموعة من المخطوطات المغربية المكتوبة بالدارجة المغربية لكن بحروف عبرية، ويعتبر ذلك تقليدا عند كبار اليهود في المغرب.

وتتوافر في المتحف كتب قديمة جدا، مثل وثيقة عزوز كوهين، وهي الوحيدة في العالم وتوجد فقط في هذا المتحف، وقد كتبها تقريبا سنة 1933، وهي مكتوبة بالعربية المغربية بحروف عبرية.

يقدم المتحف اليهودي جولات ثقافية للزوار والطلاب، ويحتوي على مجموعة كبيرة من الصور، والمجوهرات التقليدية المغربية وفساتين الزفاف اليهودية من مناطق مغربية المختلفة.

«الشرق الأوسط» تجولت في المتحف وعاينت مقتنياته، وهو يحتوي على قاعة كبيرة تسمى «فضاء المعارض المؤقتة والدائمة»، حيث تنظم فيها المعارض حول الفن التشكيلي والصور والرسومات وكل ما هو خاص بالثقافة اليهودية المغربية أو المغرب، وقاعات أخرى تعرض فيها مجموعات متحفية خاصة بالديانة اليهودية ذات طراز محلي، حسب محافظة المتحف.

ومن بين المجموعات المتحفية التي توجد في المتحف اليهودي هناك سفر التوراة، وتسمى بـ«كابوجيم»، أي التفاحات التي تزين رؤوس سفر التوراة بطريقة مغربية، على خلاف تفاحات الطراز الألماني أو الأميركي أو البلغاري، لأن التفاحات ذات الطراز المغربي فيها تأثر بالهندسة المعمارية المغربية، وتشبه أحيانا كثيرة تصاميم صوامع المساجد المغربية. وأيضا الكيسان، وهي المصابيح أو القناديل في البيعات المغربية ويسمونها بـ«كيسان الشعيل»، لأن المصباح على شكل كأس توضع فيه فتيلة وزيت فيشعل ويضوي على خلاف اليهود الأوروبيين الذين يستعملون الشموع.

الدكانة أو قبة النوم، مصدرها ملاح فاس، ويتعلق الأمر بسرير مرتفع بعض الشيء يغلق بواسطة ستار ويطلق عليه بالدارجة المغربية لأهل فاس «الدكانة»، أما الجزء الأسفل فيسمى «الطارمة»، ويلاحظ أن ديكور إطار الدكانة من الخشب المنقوش، ذو لون أخضر. وهذا النوع من الإطارات كان سائدا في ملاح فاس طيلة القرنين الماضيين.

إلى جانب ذلك، هناك مقتنيات تعكس الحرف اليهودية. إذ كان الصناع اليهود يمارسون مهنا أخرى، مثل صناعة النحاس الأصفر التي يمتهنها «الصفارون»، وصناعة الخيوط، والنسيج مثل صناعة الألبسة الجاهزة، والموشاة والمزركشة الغالية التي يخيطها الخياطون، الذين يسمون بالعبرية بـ«الحياطيم»، وصناعة المشط لنفش الصوف، ويطلق على أهلها «القراشليين».

وتشهد وثائق أخرى على ممارسة يهود المغرب لمهن يدوية أخرى مثل صناعة «ابزيمات» الحزام، وتطريز السروج، والحدادة، كما كانوا يخرطون الخشب ونجارة العربات. وعلاوة على الخياطين كان هناك صناع القبعات أو الشاشيات والأحذية؛ أحذية للنساء تعرف بـ«الشربيل» مطرزة بالذهب أو الفضة. كما كان يوجد حرفيون في صناعة الحرير «تاحرارت» وتطريز الثياب وصناعة العقد والأحزمة.

هناك أيضا الصناعة الحرفية مثل الصياغ، ويطلق عليهم في النصوص العبرية اسم «صورفيم»، وبالعربية «الذهابين» على من يشتغل بالذهب. وكذلك يطلق اسم السكاكين أو الصياغين على من يشتغل بالفضة. وكانت صناعة خيط المعدن الثمين والأشغال المتنوعة التي تستعمل هذه المادة الأولية الثمينة من أكثر الصناعات اليهودية ازدهارا، وهذا ما تعنيه المصادر باللفظة العبرية العربية «مليخت اصقلي» (مهنة الصقلي). ويطلق على أرباب العمل والعمال الذين يمارسون هذه المهنة اسم «الصقليين».

ويبدو أن اليهود الأندلسيين نقلوا معهم هذه المهنة إلى المغرب. ولا يزال اسم كوهين الصقلي منتشرا في المغرب، ويعود أصل العائلات التي تحمله منذ قرون إلى اشبيلية. ويروي الرابي يوسف مساس أن الرابيين الذين يحملون هذا اللقب ورثوه عن أجدادهم، وأن الرواية الشفوية جعلت من أهل «كوهين الصقلي» ذرية الصناع الذين كانوا ينسجون بخيط الذهب ملابس الكاهن الأعظم. ومن المحتمل أنهم من اليهود الذين اعتنقوا الإسلام. وبالنسبة لتجارة الذهب، يمارس «الصرافون» هذه التجارة، وتطلق عليهم اللفظة العربية «الصرافون» أو اللفظة العبرية «الشولحنيم».

اسرائيل بالعربية – اليهود في المغرب

ماذا يمثل الشمعدان اليهودي – الاسرائيلي؟

Read more http://www.israelinarabic.com/

موقع اسرائيل بالعربية   الشمعدان يعد الشمعدان (او ما يعرف بالمينوراه) رمزا من الرموز القومية والدينية المقدسة لدى شعب اسرائيل، ونظرا لاهميته الايمانية اعتمد كرمز قومي ديني وتاريخي لشعب اسرائيل وكاحد رموز دولة إسرائيل اليهودية رسميا بعد نيل استقلالها.  ذكر الشمعدان في الكتاب المقدس (التناخ) باللغة العبرية بإسم مينوراه ( Menorah  ) أما في ترجمة التناخ للعربية فيعرف بإسم ( المنارة) .

Read more http://www.israelinarabic.com/

اسرائيل بالعربية – اليهود في المغرب

عيد الحانوكّا..
أنواريد «حانوكَّا» يسمى عيد الأنوار في كتاب «تأريخ اليهود» (١٢: ٧ ٦-٧) للمؤرخ اليهودي חנוכיה במורקו 1يوسف بن متاثيا الكاهن (Ιώσηπος يوسيفوس فلافيوس). يقع هذا العيد في نهاية الخريف ويبدأ في الخامس والعشرين من الشهر العبري التاسع ويستمر ثمانية أيام. وتوقد في مساء كل يوم من أيامه أنوار. تشعل الشموع ويتلى قراءة مزمور (دعاء) بشكر فيه لرب العالمين لنصرته اليهود في عهد الأسرة الحشمونية في تمردهم على المملكة السلوقية التي حكمت سوريا وأرض إسرائيل بقيادة أنطيوخوس الرابع. وقد تمرد اليهود على هذه المملكة السلوقية ثلاث سنوات (من عام ١٦٧ إلى ١٦٥ قبل الميلاد).
كتب الحاخام سعيد الفيومي في كتابه «جامع الصلوات والتسابيح» الذي ألّفه باللغة العربية عن عيد الحانوكّا ما يلي:
الطاعات الواجبة في [عيد الحانوكّا] أن نُسرِج على باب كل منزل لنا سراجاً…ومن يتبرّع فيجعل لكل نفس من أهل البيت سراجاً، ويضع هذه السراج لمن كان ساكناً في سُفل [البيت] على باب داره من جهة اليسار لمن دخلها. ولمن كان ساكناً في غرفة [شقة السكّن] يضع هذه السراج في كوّة تطلّ الطريق فإن لم يمكنه ذلك فلينصب مائدة على حدة ويضعها فوقها. ولا يجوز أن يستخدم بها ولا ينتقد مالاً في ضيائها. (١)
يذكر التراث اليهودي أسباباً للاحتفال بعيد الأنوار. وفقا لكتاب المكابيين الثاني تشير أيام العيد الثمانية إلى أيام عيد المظال (٦: ١٠). يضيف التلمود إلى هذا الكتاب سببا آخر لعدد أيام العيد التي تشير إلى معجزة حدثت للحشمونية عند تدشين البيت المقدس واستمرت ثمانية أيام. حسب التلمود لم يبق في الهيكل ما يكفي من الزيت الصالح لإيقاد الشمعدان المقدس، وبرغم ذلك فإنه أنار الهيكل ثمانية أيام بالكمية القليلة من الزيت الباقي حتى تم تحضير الزيت الجديد.
أفضل طريقة وفقاً لتلاميذ الحاخام هيلل (٣٠ ق.م.) توقد شموع بأعداد متزايدة كل يوم في شمعدان معد خصوصاً لذلك الغرض. يتم إضاءة شمعة واحدة في اليوم الأول، ثم شمعة ثانية في مساء اليوم الثاني وهكذا حتى تكتمل إضاءة الشموع الثمانية (التلمود البابلي "سبت" ٢١ب). يذكر التلمود البابلي ("عِبَادَةُ الأَوْثان" ٨أ) سببا لهذه العادة الجيدة. عندما لاحظ آدم لأول مرة تقليص ساعات النهار في ذروة الشتاء خاف ودعا إلى المولى تعالى ليعيد نور الشمس. بعد مرور ثمانية أيام كشف أن النهار يمتد من جديد فقرر جعل ثمانية أيام أخرى (التي توسيع ساعات النهار فيها) موعد فرح وشكر للخالق تعالى.
الطفل وراء أنوار العيد
معنى اسم العيد "حانوكا" هو تدشين باللغة العبرية، ويشير هذا الاسم إلى تدشين البيت المقدس من جديد بعد ترميمه على يد الأسرة الحشمونية بعد انتصارهم. ترد قصة تدشين الهيكل في كتاب المكابيين الأول (٤ :٥١-٥٧). إن عيد الأنوار هو من الأعياد الدينية الصغيرة وهو مناسبة سعيدة والعمل مسموح فيه وتتميز بالامتناع عن الحداد والتعبير عن الحزن (كتاب التوسفتا "تعنيوت" أو "صيام" ٢ :٥).
منقول…

اسرائيل بالعربية – اليهود في المغرب

حمد كنبيب: السلطان سيدي محمد بن يوسف بين التاريخ وذاكرة اليهود الجماعية

السلطان سيدي محمد بن يوسفSA MAJESTE SIDI MOHAMED

 

بين التاريخ وذاكرة اليهود الجماعية

 
 

محمد كنبيب

 

يشكل عهد المغفور له الملك محمد الخامس – السلطان سيدي محمد بن يوسف، قبل الاستقلال – مرحلة حاسمة في تاريخ المغرب المعاصر باعتبار ما شهدته الحقبة الممتدة من 1927 إلى 1961 من تحولات جوهرية مست بنيات البلاد التقليدية وغيرت مظاهر متعددة من مظاهر << المغرب العتيق >> حسب الاصطلاح الإثنوغرافي الأوربي الكلاسيكي.

وعلى مستوى التركيبة الإثنية – الدينية، كانت المجموعات اليهودية المغربية ضمن المكونات التقليدية المتجدرة في البلاد التي تعرضت لمسلسل التغيير وعانت من جراء ذلك إلى حد الاندثار، حيث تقلص عدد اليهود بشكل درامي في ظرف وجيز وانهار في نهاية المطاف من 250.000 نسمة سنة 1912 إلى أقل من 5.000 نسمة سنة 2005. وقد واكب الانهيار تغيير ملموس في مورفولوجية المدن والبوادي التي كان يقطن بها اليهود ويساهمون في أنشطتها الاقتصادية والتجارية وفي حياتها الاجتماعية والثقافية.

ومن البديهي أن هذه التحولات ناجمة عن معطيات وعوامل معقدة للغاية يتصدرها الوضع الكولونيالي الذي مر به المغرب والتقلبات التي شهدتها الساحة الدولية، وفي مقدمتها الحرب العالمية الثانية والحروب الإسرائيلية – العربية من الشرق الأوسط غداة الإعلان عن تأسيس دولة إسرائيل (1948) – وهي مواجهات ساهمت بشكل وافر ومباشر في رفع وثيرة هجرة اليهود المغاربة، مع العلم أن عوامل أخرى اقتصادية -اجتماعية أحدثت من جانبها قابلية لدى هؤلاء اليهود وحثتهم على الرحيل.

إلا أن مغادرة البلاد سواء في اتجاه إسرائيل، أو أوربا الغربية، أو كندا أو غيرها من أرجاء المعمور كانت لا تعني لدى هؤلاء المهاجرين التخلي عن تقاليدهم ولغتهم والشعور بالانتماء إلى المغرب والحنين له.

ويشكل التعلق بعرش البلاد وبشخص الملك الراحل محمد الخامس بالذات رافد أساسي ساهم بشكل قوي ولازال يساهم في إذكاء هذا الشعور وضمان استمراريته عبر الأجيال. وذلك في كل الأقطار التي يتواجد بها يهود مغاربة أو يهود منحدرين من أصول مغربية.

وقد برز التشبت بشخص الملك بشكل واضح وملموس، مثلا، في صفوف الشبان اليهود الذي هاجروا أو هجروا إلى إسرائيل منذ بداية وأواسط الخمسينات، عندما خرج بعضهم للتظاهر واستنكار ما ألت إليه أوضاعهم الاقتصادية – الاجتماعية. وهكذا رفع المتظاهرون في وادي صليب صور ملك المغرب وهتفوا بحياته في تحد للسلطات الإسرائيلية ولمواطنيهم << الاشكيناز >> ( القادمين من أوربا الوسطى والشرقية والمسيطرين على الوضع في إسرائيل ).

ولهذه المواقف وغيرها جذور تاريخية متعددة تتصدرها بصفة عامة نوعية التعايش بين المسلمين واليهود في المغرب عبر العصور، وبالنسبة للفترة المعاصرة المواقف التي اتخذها السلطان سيدي محمد بن يوسف لضمان هذا التعايش في ظروف داخلية وخارجية صعبة للغاية. لاسيما بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية وإقدام الإقامة العامة على إدخال قوانين فيشي للمغرب ومحاولة تطبيقها على اليهود المغاربة فيما بين 1940-1942.

واجه بالفعل سيدي محمد بن يوسف أوضاعا عسيرة ومخاطر كانت تهدد أركان ومظاهر التعايش بين رعاياه المسلمين واليهود، وتضرب في الصميم حتى الأسس القانونية الذي كان يقوم عليه الولاء الذي كان يربط اليهود بعاهل البلاد.

صادفت فعلا بداية عهد سيدي محمد بن يوسف (1927) احتدام المساعي التي كانت تقوم بها النخب اليهودية المتشبعة بالثقافة الفرنسية للحصول على الجنسية الفرنسية والإفلات من القيود المفروضة على <<الأهالي>> (بالمعنى القدحي للكلمة في الوسط الكولونيالي). وقد كانت بعض الأوساط اليهودية ذات النفوذ في الميتروبول تتدخل لدى وزارة الخارجية بباريس وتنظم حملات صحفية لحث الحكومة على الاستجابة لهذه المطالب وتحقيق <<أحلام >> عناصر نشيطة من شأنها الإسهام بنجاعة في تقوية التواجد الفرنسي بالمغرب ،على غرار ما قام به يهود الجزائر لفائدة فرنسا في أعقاب فرنستهم بشكل جماعي بمقتضى مرسوم كريميو (1870).

إلا أن الإقامة العامة ألحت على معارضة السلطان المحتملة لكل إجراء من شأنه المس بولاء رعاياه تجاهه، لاسيما وأن معاهدة الحماية (30مارس 1912) نصت صراحة على التزام فرنسا باحترام الوضع السياسي القائم ،بما في ذلك الوضع القانوني للرعايا المغاربة بصرف النظر عن انتمائهم الديني. وذلك ما سبق أن نصت عليه أيضا معاهدة مدريد (1880).وهي المعاهدة الدولية التي تضمنت بندا أساسيا حدد فيما بعد ركنا جوهريا قامت عليه الجنسية المغربية: الولاء الدائم لعاهل البلاد.

غير أن النخب << الاندماجية >> حاولت تجاهل القيود القانونية وتشبثت بمطالبها معتمدة في تحركاتها على مسيري الرابطة الإسرائيلية بباريس وبعض الشخصيات البرلمانية المتعاطفة مع أمانيها. واستمرت على هذا النهج إلى حدود نشوب الحرب العالمية الثانية مرددة بإلحاح في حملاتها الصحفية مدى تعاطفها مع << الوطن بالتبني >> (فرنسا) وعمق الانسلاخ الثقافي والمعنوي الذي يفصلها عن عامة << الأهالي >> ومن ضمنهم سواد الملاحات التي كانت تتخبط في البؤس والجهل.

وهذا بالذات ما حاول التصدي له رواد الحركة الوطنية ومؤسسو كثلة العمل الوطني ملحين في هذا الشأن على صدارة العرش بالنسبة للرعايا المغاربة، مسلمين ويهود، وضرورة الالتفاف حول سيدي محمد بن يوسف والعمل من أجل تحسين أوضاع الشعب المغربي بمختلف مكوناته الإثنية- الدينية واللغوية وانتزاع حقوقه الأساسية.

وانطلاقا من هذه القناعات والخيارات، خاطب الوطنيون المسلمون المثقفين اليهود بغية إقناعهم بالعدول عن المطالبة بالجنسية الفرنسية أو الإسبانية والانضمام إلى صوفهم لخوض نضال مشترك لوضع حد للإدارة المباشرة، وحث الإقامة العامة على تحسين الظروف المعاشية في البلاد. وقد كتب أحد الوطنيين، محمد الخلطي، في جريدة << عمل الشعب >> عدة مقالات للتذكير بمغربية مواطنيه اليهود وبأن << المغرب للمغاربة، أي المسلمين واليهود >> على حد تعبيره، داعيا إياهم إلى المشاركة الفعالة في << الدفاع عن الوطن والعمل التصحيحي الذي ينتظره المغرب من كل أبنائه >>.

وبالإضافة لاحتدام المطالب الاندماجية والطعن في الأسس القانونية والشرعية التي كان يقوم عليها ولاء اليهود المغاربة بصفتهم رعايا سلطان المغرب، شأنهم شأن المسلمين في هذا الباب، فقد صادفت أيضا بداية عهد سيدي محمد بن يوسف انتقال الحركة الصهيونية إلى مرحلة جديدة في تقوية نشاطها بالمغرب بفضل << تسامح >> المقيم العام تيودورستيغ وتخليه عن إرث الجنرال ليوطي فيما يخص الانشقاقات والاضطرابات التي يمكن أن يحدثها الصهاينة بالمغرب.

 

وخلال هذه الحقبة، تزايد اهتمام الوطنيين المغاربة بالقضية الفلسطينية، لاسيما بعد اندلاع أحداث << حائط البراق >> (حائط المبكى) وماواكبها من مواجهات عنيفة بين المسلمين واليهود في القدس (غشت 1929). وقد عبر الوطنيون عن تضامنهم مع عرب فلسطين وحاولوا إرسال عريضة إلى وزارة الخارجية البريطانية بلندن للتعبير عن استنكارهم لسياسة انجلترا بصفتها قوة الانتداب المكلفة بإدارة فلسطين باسم عصبة الأمم.

ورغم إدراكها لمعارضة سيدي محمد بن يوسف للمشروع الصهيوني، فإن سلطات الحماية الفرنسية استجابت لضغوط وتدخلات الميتروبول لفائدة الصهاينة. وغضت الطرف عن تحركاتهم بالمغرب مركزة كل جهودها لعرقلة أنشطة كثلة العمل الوطني وإفشال مساعي مؤسسيها ومناضليها.

ووعيا منهم بمخاطر الصهيونية في وقت قدمت فيه الإقامة العامة على إصدار ظهير 16 ماي 1930 الخاص بالقضاء في المناطق الناطقة بالأمازيغية، حاول الوطنيون إبراز طابع الصهيونية بالنسبة لليهود المغاربة وعدم تطابق فكرها وبرنامجها ومراميها مع تاريخهم وحاجياتهم وطموحاتهم.

وعلى غرار النداءات الموجهة للاندماجيين فقد خاطب الوطنيون الصهاينة أيضا. وجاء في النداءات الموجهة لهم والمنشورة على أعمدة << عمل الشعب >> و << إرادة الشعب >>:

<< أيها الرفاق اليهود… اعلموا بكيفية لا رجعة فيها بأن لكم وطنا، ليس هو الأرض الموعودة (فلسطين) بل الوطن الذي تعيشون فيه… لقد عرفت هذه البلاد ميلادكم، ومنحتكم القوت وتنفستم هواءها وعشتم تحت سمائها الرائعة … ودفنت فيها رفات أجدادكم… إنكم أبناء هذه الأرض المعطاء >>.

لم تستجب النخب اليهودية، إلا نادرا، لهذه النداءات. إذ واصل الاندماجيون المطالبة بالجنسية الفرنسية رغم ما كان يصيبهم من إحباط بين الفينة والأخرى. في حين ارتاح الصهاينة لما حققوه من مكاسب بفضل تواطؤ الإقامة العامة وظروف دولية أعطت دفعة قوية لإديولوجيتهم وبرنامجهم << الفلسطيني>>. حيث استفادت حركتهم من ردود الفعل المترتبة عن وصول الحزب النازي إلى الحكم بألمانيا (1933) ومن تعيين الزعيم الاشتراكي ليون بلوم على رأس الحكومة التي تشكلت بعد فوز الجبهة الشعبية بالانتخابات البرلمانية في فرنسا (1936) وقد كان بلوم متعاطفا مع الصهيونية ومن أقوى مناصريها.

وبالرغم من تضارب مواقفهم وأهدافهم، فإن الاندماجيين والنشطاء الصهاينة نهجوا أساليب متشابهة في المواقف المتخذة تجاه الوطنيين ومواطنهم المسلمين، وتفادوا كل ما من شأنه قطع الصلة بصفة نهائية معهم. ولذلك كانوا ينتهزون كل الفرص المواتية للتعبير عن ولائهم لعاهل البلاد وتقديرهم لشخص السلطان سيدي محمد بن يوسف.

وكان من الطبيعي أن يتقوى هذا النهج بعد نشوب الحرب العالمية الثانية وإقدام << الدولة الفرنسية>> بزعامة المارشال بيتان على الاهتداء بالنظام النازي وسن قوانين عنصرية مناهضة لليهود تقضي بطردهم من الوظائف العمومية والتضييق عليهم في كل المجالات و << أرينة >> ممتلكاتهم. وبما أن الإقامة العامة بالرباط كانت موالية لنظام فيشي وخاضعة لأوامره، فقد مر اليهود المغاربة، وفي مقدمتهم الأثرياء والنخب المثقفة الاندماجية منها والصهيونية، بظروف عسيرة لم تترك أمامهم من حل سوى التشبث بمغربيتهم والإعلان عن ولائهم لسيدي محمد بن يوسف بصفته عاهل بلاد محافظة على شخصيتها السياسية وعلى مؤسساتها التقليدية في إطار << حماية >> فرنسية لا تتعدى صلاحياتها << المراقبة >> وإدخال إصلاحات تقنية، وبصفته أيضا أمير المؤمنين تقع على عاتقه مسؤولية الدفاع على حقوق رعاياه المسلمين واليهود.

وهكذا قام أعيان اليهود بمساعي متعددة للاستنجاد بمقتضيات الشريعة الإسلامية ومطالبة السلطان بعدم تبني الظهير الذي أعدته الإقامة العامة على أساس القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 3 يونيو 1941 وأكدوا بهذا الصدد << أن صاحب الجلالة الشريفة سوف يخرق القوانين الشرعية إذا صادقت بواسطة ظهير على إجراءات منافية لروح النص القرآني ولفظه… (إن القوانين الشرعية) تبيح لأهل الذمة من النصارى واليهود العيش في دار الاسلام، وممارسة كل الحرف والصنائع غير الشرعية شريطة دفعهم الجزية واحترام الدين الإسلامي>>.

ونظرا لتمسك سيدي محمد بن يوسف بصلاحياته كأمير للمؤمنين وبخطة أسلافه تجاه أهل الذمة من رعاياه من جهة، ولتوسط كبار القواد والباشوات لفائدة هؤلاء من جهة ثانية. وباعتبار أيضا تخمينات السلطان حول مجرى الحرب على أساس اتصالاته مع مبعوثين أمريكيين كان بعضهم يقيم بالمغرب في إطار الاتفاق الفرنسي – الأمريكي "فيكان – مورفي" ويجمع المعلومات ذات الطابع السياسي والإستراتيجي بهدف الإعداد لإنزال قوات الحلفاء على السواحل المغربية، فقد تقوى موقف السلطان الرافض لتطبيق قوانين فيشي العنصرية.

وانطلاقا من كل هذه الإعتبارات الدينية-السياسية والدبلوماسية، أبدى سيدي محمد بشكل صريح تعاطفه مع رعاياه اليهود، واستقبل بعض أعيانهم في رحاب القصر خاصة خلال ماي ويونيو وغشت 1942 وأكد لهم بهذه المناسبة حق التمتع بحمايته مشددا على المساواة في التعامل التي يجب أن توفر لهم إسوة بمواطنيهم المسلمين.

وقد وصل صدى هاته الاستقبالات وتصريحات السلطان إلى يهود فرنسا، حيث أشارت تقارير الاستعلامات التابعة لحكومة فيشي بأنه << يسود الإدعاء داخل الأوساط اليهودية في المنطقة الحرة بفرنسا بأن سلطان المغرب رفض تطبيق القوانين الفرنسية المناهضة لليهود >> وبأن يهود فرنسا يصرحون علنا بأنه << على حكومة فرنسا أن تطلب من سلطان المغرب أن يقدم لها دروسا في التسامح>>.

اضطرت الإقامة العامة، بسبب موقف السلطان ولا شعبية الإجراءات المناهضة لليهود، إلى التخفيض من وثيرة تطبيق قوانين فيشي. وهكذا استمرت مدارس الرابطة الإسرائيلية في العمل بشكل عادي، الأمر الذي سمح للمعلمين و الأساتذة اليهود المطرودين من المؤسسات الفرنسية بالالتحاق بها ومزاولة عملهم. أما الإجراءات الخاصة بطرد اليهود من الأحياء الأوربية، فقد اقتصرت على العائلات التي حازت منازل في هذه الأحياء بعد شتنبر 1939. كما لم تطبق إجراءات التصريح بالممتلكات المنصوص عليها في ظهير 5 غشت 1941 إلا على الممتلكات التي تتجاوز قيمتها 5000 فرنك، أما الأثاث والحلي والأغراض الشخصية فقد استثنيت من ذلك. وقد تعزز النهج الذي بادر به السلطان بالدعم الذي وفره بعض المسلمين ليهود يرغبون في تحصين أنفسهم ضد إجراءات الحجر والمصادرة.

وقد واصل سيدي محمد بن يوسف مجهوداته لضمان الاستقرار في أعقاب إنزال القوات الأمريكية بالسواحل المغربية لضمان الاستقرار في أعقاب إنزال القوات الأمريكية بالسواحل المغربية (نونبر 1942) وظهور غليان شديد في بعض الأوساط اليهودية، حيث اعتبر بعض اليهود أنه أصبح في إمكانهم ارتكاب تجاوزات والاحتماء بالأمريكيين.

لذلك كلف السلطان الصدر الأعظم محمد المقري والحاجب محمد المعمري بربط اتصالات سرية بالأمريكيين (23 يناير 1943) لمعرفة موقفهم تجاه تطلعات المغاربة الوطنية وتذكيرهم بوضعية اليهود التقليدية وبالتدابير التي مكنتهم من الإفلات من قوانين فيشي العنصرية. وألح فعلا المقري والمعمري على أن << اليهود لا يحتلون الصفوف الأمامية في المغرب ( وأنهم كانوا دائما) ثانويين عددا ونفوذا . . . وكان المسلمون يعاملونهم معاملة حسنة، ولما حلت لجنة الهدنة الألمانية بالمغرب، ألح أعضاؤها أول الأمر على ضرورة معاملتهم طبقا لما تقتضيه الإيديولوجية النازية، فرفض السلطان الاستجابة لذلك بقوة مؤكدا بأن علاقات اليهود بالمسلمين تنبني على قرون طويلة من التعايش، وأن المسلمين محتاجون إلى اليهود، كما أن اليهود محتاجون إلى المسلمين ولا توجد مشكلة يهودية في المغرب، ولن تكون في المستقبل إذا بقي هذا الموضوع كما هو الآن . . . وقد ظن بعض اليهود أن مجيء الجيوش الأمريكية يعني أنه بإمكانهم احتلال مراكز قوة ونفوذ بالنسبة للمسلمين، وهذا ما لا يجب ألا يقع>>.

وبصرف النظر عن طيش بعض العناصر وتهورها، فقد فتح الإنزال الأمريكي باب المغرب على مصراعيه أمام المنظمات اليهودية الأمريكية، وأذكى اهتمامها بيهود المغرب وبوزنهم الديموغرافي في أفق بناء دولة يهودية في فلسطين. وقد ركزت الوفود التي قدمت إلى الولايات المتحدة في نونبر 1944 لحضور مؤتمر أطلنتيك سيتي اهتمامها على ساكنة الملاحات المغربية بصفتها خزانا بشريا يمكن الاعتماد عليه لتوفير نسبة هامة من اليد العاملة اللازمة لبناء الدولة اليهودية. وانطلاقا من هاته الاعتبارات تدخلت المنظمات اليهودية الأمريكية بثقلها الهائل للتمهيد لخطة التهجير في وقت لاحق.

وفي الأوساط اليهودية المغربية وبحكم الظروف الاقتصادية-الاجتماعية القاسية التي كانت فيها البلاد فيما بين 1944 و 1945 وقع شبه إجماع لدى الأعيان بمختلف أصنافهم حول ضرورة الاستفادة من مساعدة المنظمات اليهودية الأمريكية لإشباع حاجيات سكان الملاحات والتخفيف من معاناتهم اليومية، خصوصا منها سواد العاطلين وصغار الحرفيين والبقالين والباعة المتجولين، والعناصر الأخرى التي كانت تواجه سوء التغذية وتفشي الأمراض المعدية وشتى أنواع البؤس والحرمان.

وبما أن الظرفية كانت تبدو مواتية، حاول النشطاء الصهاينة انتهاز الفرصة لتحقيق قفزة نوعية كبرى: مطالبة الإقامة العامة بالاعتراف الرسمي بحركتهم.

لم تصطدم هاته المحاولات عمليا إلا بمقاومة السلطان، خصوصا غداة موجة القمع التي أعقبت تقديم عريضة الاستقلال (11 يناير 1944) وما تلاها من مظاهرات واعتقالات. وبالفعل، عشية انعقاد المؤتمر اليهودي العالمي بأطلنتيك سيتي، استغل سيدي محمد بن يوسف فرصة عيد العرش (18 نونبر 1944) ليذكر اليهود المغاربة بواجباتهم باعتبارهم رعاياه تنطبق عليهم واجبات وحقوق غيرهم من الرعايا المغاربة.

وفي سياق حديثه حول موقف السلطان أشار تقرير للإقامة العامة موجه لوزارة الخارجية الفرنسية (20 نونبر 1944) على أن السلطان لم يلتزم بالعرف الجاري به العمل في مثل هذه المناسبات حيث لم يكتف بمرور الوفد اليهودي أمامه كالعادة بل: <<طلب ( في هذه السنة) من الوفد الاقتراب من السلطان الذي نهض من مجلسه واقترب منهم وعبر عن ارتياحه لاستقبالهم، وصرح لهم قائلا : إنكم رعايانا الأوفياء، مثلكم مثل المسلمين . . . إنني أحميكم وأحبكم . . . لقد كان المسلمون ولا يزالون إخوة وأصدقاء لكم، اسألوا شيوخكم والمسنين منكم، فستعرفون بأن جدنا المنعم مولاي الحسن كان صديقا حقيقيا لليهود، وأفصح في مناسبات عدة عن اهتمام واضح وعناية بهم. وقد عرفه أجدادكم بهذه الصفة وأحبوه بصدق. ويمكنني أن أؤكد لكم من جانبي بأنني أعمل على الحفاظ إزاءكم وإزاء إخوانكم في الدين على نفس التقدير . . . ونفس الاهتمام. فهذا العيد هو كذلك عيدكم>>.

وصار السلطان على نفس النهج غداة الحرب العامية الثانية وبداية تسارع الأحداث في الشرق الأوسط وارتفاع وثيرة الإجراءات التي كانت تتخذها المنظمة الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية، لتجسيد مشروع الدولة اليهودية على أرض الواقع بتزكية الدول العظمى والأمم المتحدة. وأمام هاته التطورات وردود الفعل التي كان يخلفها خطر <<اغتصاب فلسطين>> لدى المسلمين، كان سيدي محمد بن يوسف يبدل قصارى جهوده لتفادي نشوب اضطرابات في المغرب، لا سيما وأن الظرفية السياسية كانت تمتاز بدرجة عالية من الحساسية بسبب المناورات التي كانت تقوم بها الإقامة العامة للوقوف في وجه المطالب الاستقلالية، وتمرير المشروع المتمحور حول فكرة <<السيادة المشتركة>>. وبما أن القضية المغربية أصبحت تطرح على الصعيد الدولي وأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد كان السلطان يعتبر أن من شأن الاضطرابات ونشوب مواجهات عنيفة بين رعاياه المسلمين واليهود أن يؤدي إلى فقدان المغرب للاحترام لدى الرأي العام الغربي بصفة عامة والأمريكي بوجه خاص.

وقد دفعت هذه الاعتبارات بالسلطان إلى استقبال شخصيات مسلمة ويهودية بالقصر الملكي ودعوة الجميع علانية إلى <<الاستمرار في النهج الذي سار عليه أسلافهم، بالعمل يدا في يد>>، مؤكدا من جديد على أنه << لايقيم أي تمييز بين رعاياه الأوفياء >> (1947).

وبعد نشوب الحرب الاسرائلية – العربية الأولى غداة الإعلان عن تأسيس دولة إسرائيل، تمثل رد فعل المسلمين المغاربة تجاه الأحداث في إقامة الصلوات في المساجد <<من أجل خلاص فلسطين العربية وانتصار الاسلام>>. وجمع التبرعات لفائدة المجاهدين وتشجيع ذهاب المتطوعين << للتضحية في ساحة الشرف>>. خصوصا وأن شائعات كانت تشير إلى <<وجود أبطال مغاربة في ساحة المعركة تحت قيادة الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي>>، والدعوة إلى مقاطعة التجار اليهود في المدن والبوادي. أما اليهود المغاربة، فضاعفوا أيضا من صلواتهم داخل بيعهم، ومن جمع التبرعات، ومحاولة الهجرة سرا صوب فلسطين.

ولتفادي الاصطدامات والحد من تأثير الشائعات والاتهامات المتبادلة بين المسلمين واليهود، أمر سيدي محمد بن يوسف بنشر بيان (23 ماي 1948) دعا من خلاله رعاياه للهدوء:

<<إننا بما خولنا الله جلت قدرته وتعالى شأنه من النظر في أمركم السهر على مصالحكم نوجه إليكم هذا البلاغ لتعملوا به وتقفوا عند حده . . . منذ بضعة أيام اشتعلت نار الحرب في أرض فلسطين المقدسة بعد أن يئس العرب من إقناع الصهيونيين بالعدول عن فكرة الاستيلاء على تلك البلاد وإخراج أهلها منها . . . ونحن إذ نعلن اتفاقنا التام فكرا وقلبا مع ملوك العرب ورؤساء دولهم الأماجد كما اشعرناهم بذلك، نؤيد ما صرحوا به من أن العرب لا يظهرون لليهود سوءا ولا ينوون بهم عداء، وإنما غايتهم الدفاع عن القبلة الأولى للإسلام وتثبيت السلم والعدل في الأراضي المقدسة مع بقاء اليهود على حالتهم المعهودة منذ الفتح الإسلامي>>.

وأضاف السلطان مخاطبا رعاياه:<< لهذا نأمر رعايانا المسلمين أن لا يحملهم ما قام به اليهود ضد إخوانهم العرب بفلسطين على القيام بأي عمل يخل بالنظام، أو يؤدي إلى تعكير صفو الأمن والسكينة. ويجب عليهم أن يعرفوا أن اليهود المغاربة الذين استوطنوا هذه البلاد منذ قرون تحت الذمة فوجدوا فيها أحسن مثوى، وأخلصوا كل الإخلاص للعرش المغربي هم غير اليهود المتشردين الذين قصدوا فلسطين من مختلف أنحاء المعمور، وأرادوا أن يستولوا عليها ظلما وعدوانا. نأمر رعايانا اليهود أن لا ينسوا أنهم مغاربة تشملهم رعايتنا وقد وجدوا لدينا في مختلف الظروف أحسن مدافع عن مصالحهم وموف بحقوقهم، فيجب عليهم أن لا يقوموا بأي عمل فيه تأييد للصهيونيين المعتدين أو تضامن معهم لما في ذلك من المساس بحقوقهم الخاصة وبالجنسية المغربية. ونحن على يقين من أنكم أيها المغاربة أجمعون ستلبون نداءنا وتكونون عند حسن ظننا بكم حتى يظل الأمن العام محفوظا والسلام سائدا لهذا الوطن العزيز>>.

لقد ساهم هذا النداء وتقاليد التعايش بين المسلمين واليهود في التخفيف من حدة التوثر <<الطائفي>> الذي أعقب اندلاع الحرب الإسرائيلية – العربية الأولى. فبالرغم من هشاشة الوضع والغموض الذي كان يلف موقف الإقامة العامة والمناورات الاستفزازية التي بادر بها أعوان صهاينة بهدف إحداث اصطدامات من شأنها حث اليهود على الهجرة بأعداد وافرة إلى فلسطين، ساد الهدوء في مختلف أنحاء البلاد ولم تقع أعمال عنف إلا بمدينة وجدة وجرادة وذلك لأسباب غامضة لم تفصح عنها بعد المصادر الرسمية. وربما يرجع هذا <<الغموض>> و <<صمت>> الأرشيف إلى تورط السلطات الجهوية الفرنسية فيما وقع وسكوتهم على تحركات الصهاينة في منطقة كانت لها خصوصياتها << السياسية>> خلال المرحلة التي مر بها المغرب غداة << خطاب طنجة >>.

وبالفعل كانت تكمن خصوصيات المنطقة أثناء تلك الظرفية الحرجة في تأثر أعداد وافرة من عمال مناجم الفحم بجرادة بالمطالب الاستقلالية واستعدادهم لشن الإضرابات بهدف الدفاع عن مصالحهم المهنية ودعم الأحزاب الوطنية. فكان لابد من وجهة نظر الإقامة، انتظار الفرصة لتوجيه ضربة قاسية للحركة العمالية للمنطقة وتكسير تضامنها مع الأحزاب، بل وتسريح أكبر عدد ممكن من العمال وإرغامهم على الرجوع إلى قبائلهم الأصلية من مختلف أنحاء البلاد (ولاسيما في الجنوب).

كما كانت تتجلى هذه الخصوصيات، من جهة ثانية، في وضعية وجدة بصفتها مدينة عبور كان يستعملها المهاجرون اليهود لمغادرة البلاد سرا والتوجه إلى فلسطين عبر الجزائر ومرسيليا. وكانت السلطات الفرنسية تغض الطرف رغم علمها بمعارضة السلطان الشديدة لهذه الهجرة وإطلاعها على تحركات العملاء الصهاينة ورجال المخابرات التابعين للوكالة اليهودية وما كانوا يقدمون عليه لإحداث الفتنة وحث اليهود على الهجرة عبر << الجسر >> المتمثل في وجدة.

وفي بداية الخمسينيات ارتفع عدد المهاجرين بشكل ملموس، لا سيما خلال المرحلة التي أعقبت إبعاد السلطان سيدي محمد بن يوسف ونفيه إلى مدغشقر، وما واكب ذلك من اضطرابات في قرى ومدن المغرب (1953 – 1955 ). وكانت الدعاية الاستعمارية تعمل على تخويف اليهود وتنشر البلبلة في صفوفهم، وتحاول إقناعهم بأن استقلال المغرب يعني إخضاعهم للاضطهاد وتحت رحمة المسلمين. غير أن ذلك لم يمنع بعض اليهود من الانخراط في الأحزاب الوطنية والمشاركة في الكفاح من أجل عودة عاهل البلاد وإنهاء عهد الحماية.

وبعد رجوعه من المنفى عمل سيدي محمد بن يوسف على استقبال وفود تمثل المجموعات اليهودية وطمأنتها على مصيرها وحثها على المشاركة الفعالة في بناء مغرب مستقل. وكانت مواقف السلطان مطابقة لما سبق له الإعلان عنه في مناسبات عديدة، سواء عند استقباله لرعايا يهود أو عندما كان يجيب عن بعض التدخلات الأجنبية، ومن ضمنها تدخل لروني كاسان، رئيس الرابطة الإسرائيلية العالمية (باريس) وممثل فرنسا لدى اللجنة الدولية لحقوق الإنسان.

وجوابا على رسالة طلب فيها روني كاسان من السلطان منح يهود المغرب حريات عامة قائمة على مبادئ ميثاق حقوق الإنسان الذي أعلنته منظمة الأمم المتحدة (1948) أكد سيدي محمد، بأسلوب لا يخلو من دلالة، بأن <<جلالته يتمنى أن يتم تعميم ممارسة هذه الحريات كي تشمل كافة رعاياه بلا استثناء أو تمييز… وأن الظروف المؤلمة التي يتخبط فيها جزء من الساكنة اليهودية.. ظروف تشمل كذلك عددا لا يستهان به من مواطنيهم المسلمين>>.

وتأتي قناعة سيدي محمد بضرورة إشراك العنصر اليهودي في بناء المغرب المستقل، وكذا تضامن السلطان مع عرب المشرق في مقدمة الاعتبارات التي دفعت به إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمنع، أو على الأقل، عرقلة هجرة اليهود المغاربة في اتجاه فلسطين.

وكيفما كانت الاعتبارات التي قامت عليها خيارات سيدي محمد بن يوسف فإنها لم تؤثر على صورته في ذاكرة اليهودية الجماعية. حيث احتفظت هذه الذاكرة بشكل قوي بمواقفه الشجاعة خلال الحرب العالمية الأولى وما أقدم عليه لتفادي تطبيق مقتضيات قوانين فيشى على اليهود المغاربة في وقت كان فيه إخوانهم في الدين يعانون من الإبادة في الأقطار التي احتلتها الجيوش الألمانية في أوربا، وكان فيه يهود المستعمرة الجزائرية معرضون لكل الأخطار بعد إلغاء مرسوم كريميو وإخضاعهم من جديد لوضع مماثل لوضع الأهالي، وكان فيه أيضا يهود تونس يقاسون الويلات بعد اكتساح القوات الألمانية والايطالية للتراب التونسي.

إن اعتراف اليهود المغاربة بالجميل وبالوضع المتميز الذي تمكنوا بفضله الإفلات من قبضة نظام فيشي وتفادي السقوط بين أيادي نازية، جعلهم يقدرون كل تقدير مواقف سيدي محمد بن يوسف وينعتونه بالملك << العادل>> والحليم.

المسلمون واليهود عبر التاري

 المسلمون واليهود عبر التاريخ

بدأ التفاعل التاريخي ببن اليهودية والإسلام في القرن السابع ميلادي مع ظهور وانتشار الاسلام في شبه الجزيرة العربية. تتشارك الديانتان اليهودية والإسلام المنبع نفسه في الشرق الأوسط وهو إبراهيم. كما أن هناك ثمة قواسم مشتركة عديدة بين هاتين الديانتين وعلى مستويات مختلفة منها الاسس الدينية والتركيبة والفقه والطقوس. تكمن في قلب هاتين الديانتين النظرة التوحيدية التي لا ترضى مساومة على عظمة ووحدة الله الذي هو عادل ورحيم كما تقول الديانتان وان لهم سبل عيش متماشية مع هذه القيم لصالح المجتمع الانساني. لا يوجد اكليروس (تراتبية رجال الدين) في الاسلام ولا في اليهودية يجعل فاصلا بين رجال الدين بحكم قدسية مركزهم وبقية الرعية. ان المرجعية الدينية هي بالاخص وظيفة قائمة على الالمام والتفقه في المصادر، والنصوص الدينية وتتيح للمرجعية امكانية ادارة الرعية بشكل يتماشى والتعاليم الدينية.

يتعاطى المسلمون مع اليهود والمسيحيين كأهل كتاب، كانوا يتمتعون في دار الاسلام بحماية تفوق تلك التي يتمتع بها الوثنيون وكانوا على مر قرون وعلى نطاق العالم الاسلامي ينصاعون لنظام قوانين اهل الذمة حيث يترتب عليهم دفع جزية مما يعطيهم حقوقاً محدودة.
ثمة آراء مختلفة لدى العلماء بما يخص اصل قبائل اليهود التي وقع تصادم بينها وبين النبي محمد في شبه الجزيرة العربية. ان القواسم المشتركة بين الرسالة المحمدية والتعاليم اليهودية تفترض انه كان بإمكان يهود المدينة التلهف للوقوف مع النبي ولكن فشلهم بتحقيق ذلك ادى الى النزاع والخلاف والعداء بينهم.

وهناك آراء مختلفة بين العلماء فيما يتعلق بطابع والاصل من الجاليات اليهودية التي واجهت النبي محمد في الجزيرة العربية. ومن الواضح ان تشاركوا في ما يكفي من رسالة النبي محمد لهذا الاخير ان نفترض ان اليهود من المدينة المنوره من شأنه ان يلتف حول اليه بشغف. على ان عدم القيام بذلك أدت الى الفتنة التي تلت ذلك، والحجج والعداء بينهما.

إن الشروط التقييديه التي تضع اليهود في مركز ضعف كان قد تم تدوينها في عهد عمر. ولكن على الرغم من وضعهم كـ اهل الذمه، اليهود يتمتعون بحرية ممارسة شعائرهم الدينية، التي كانت أفضل حالا تحت حكم المسلمين اكثر منها في عهد المسيحيين التابعين لحكم بيزنطية.
ان الحضارة الاسلامية في العصور الوسطى تطورت الى اكثر انتاجيه في الفترة بين سنتي 900 و 1200، والحضارة اليهودية في العالم الاسلامي حذت حذوهم. حقيقة انه ، مع انتشار الاسلام ، اصبحت اللغة العربية سائدة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا واسبانيا ، كما أن يهود تلك البلدان ، قد ساهموا في نشر اللغة العربية عبر التأثيرات الثقافيه. لعدة قرون ، فإن معظم اليهود كانوا ينقلون في تلك المناطق ، العلمانية والدينية على حد سواء ، باللغه العربية ، رسائل مكتوبة باللغه العبرية.

بدءاً من الحاخامات مثل غيون سعدية في العراق ، الذين كتبوا باللغة العربية، وخاصة في اسبانيا المسلمه، كان المفكرين اليهود ثم تبعهم المفكرين المسلمين في اتباع خطواتهم بنفس النوع من المحبة لاستكشاف ودراسة اللغة العبرية التي كان علماء المسلمين يحولونها الى اللغة العربية ، لغة القرآن. كما طوروا دراسة اللغة العبرية ، وهو الشيء الجديد في التفكير اليهودي. في ذلك الزمن ، كما عملوا على فهم قواعد اللغة العبرية المستخدمة الى يومنا هذا.

وخلال هذه الفترة ، ظهرت بعض اكبر اعمال الفلسفه اليهودية في القواعد ، القانون ، فقه اللغة ، تأليف القواميس وبعض الكتب التي سارت، جنبا الى جنب مع التطور الكبير في هذه المجالات في العالم الاسلامي. وعرف الشعر العبري نهضة خلال هذه الفترة ايضا ، مع نشأة العروض ، والاساليب الشعرية الحديثة، التي كانت تتوازى مع تلك المحتويات من نظيره في اللغة العربية الاسلامية. وفي اسبانيا ، ازدهرت الحضارة اليهودية جنبا الى جنب مع ازدهار العلوم والثقافة في جميع أنحاء المنطقة ، المعروفة في اللغة العربية ببلاد الاندلس. 
إن إنفتاح المجتمع في الاندلس قد إنعكس سلباً وإنتهى بقدوم جيوش شمال افريقيا للمساعدة في الدفاع عن المسلمين ضد المسيحيين الاسبان ، الذين كانوا يدفعون بالمسلميخ بعيداً عن معاقلها الشمالية الى الجنوب من البلاد. وفي ظل الأنظمة الاسلامية البربرية خضع اليهود لقيود شديدة بدأت تنزاح، في نهاية المطاف، عندما سارت القوات البربرية الى فتح المناطق المسيحيه الحديثة في الشمال، في الوقت الحاضر.

إنعكاس حسن حظ اليهود في اسبانيا تبلور في أجزاء أخرى من العالم الإسلامي ، حيث في القرن الثالث عشر، ساهمت الصفات الانسانيه والعقلية المنفتحة للمجتمع الاسلامي بدأت تفسح المجال لحلول العقلية المسيطرة والمتصلبة في آرائها. إثر هذه التغيرات اضطرت العديد من الجماعات اليهودية الى العيش في غيتو كما دمرت اماكن يهودية ومسيحية مما أدى الى تدمير بنية المجتمعات المحلية. كما إنخسف نجم العالم الإسلامي ، فكذلك الطوائف اليهودية في داخلها ، أصبح الإنتاج الفكري، الثقافي والديني المبدع عموما تميل الى التحول الى الطوائف اليهودية في اوروبا. ولكن كقاعده عامة ، فإن الجماعات اليهودية التي ما زالت تعيش في العالم الاسلامي بصفة عامة كانت دائماً محمية تبعاً لميثاق عمر الذي طالما اعتبرهم من الدرجة الثانية ، تعيش بسلام وتعاون مع الجيران المسلم.

لم يكن أبداً الوضع كما كان عليه الحال في الامبراطوريه العثمانيه. ففي عام 1492 عندما أصدر فرديناند ملك اسبانيا مرسوما بطرد جميع من تبقى من اليهود من اسبانيا ما لم تتحول الى المسيحيه ، عرض السلطان العثماني بايازيد الثاني على اليهود اللجوء. لقرون عدة، نعم اليهود بهدوء نسبي في ظل حكم الأمبراطورية العثمانيه، مما شجع أعداداً كبيرة من اليهود الاوروبيين على اللجوء الى اراضيها. ووفقا لبرنارد لويس ،لم فقط لـ "اليهود بمجرد الاستيطان في الاراضي العثمانيه ، وإنما جرى تشجيعهم ومساعدتهم في كثير من الأحيان. فكان لليهود اسهامات كبيرة في التقدم العلمي والتقني للامبراطوريه العثمانيه. واحدة من أهم الابتكارات التي جلبها اليهود الى الامبراطوريه العثمانيه كانت المطبعه. ففي عام 1493 ، بعد سنة واحدة فقط من طردهم من اسبانيا ، قام ديفيد وصمويل بن نعماس بتأسيس أول مطبعة عبرية في اسطنبول. وإزدهرت الآداب اليهودية في اجواء متسامحه نسبيا في الامبراطوريه العثمانيه.

ولكن الاوضاع المعيشيه لليهود في العديد من البلدان الاسلامية بدأت في التدهور في القرن التاسع عشر ، مع تراجع السلطة العثمانيه وزيادة الحماسة القوميه والدينية الراديكاليه كرد فعل لتزايد نفوذ القوى الاستعماريه الاوروبية. كما ان الصور النمطيه المعاديه للسامية ظهرت لاول مرة في العالم الاسلامي خلال هذه الفترة. 
وفي القرن العشرين ، ومع انهيار القاعدة الامبراطوريه وظهور القوميه الحديثة التي أدت الى الصدام بين اليهود المتطلعين الى الاقليمية الى ما يعتبر أرض آبائهم وأجدادهم كفاحهم من اجل تقرير المصير الوطني على جزء من المنطقة التي يسكنها العرب المحليين. هذه الصراعات الاقليمية قد تدهورت في الاونة الاخيرة بصورة متزايدة حملت الصراع الى الطابع الديني.

وفي حين أننا لا نسعى الى الدخول في الاسباب والنتائج ، حقوق ومساوئ الصراع السياسي في الشرق الاوسط ، فإن الطابع الديني المتزايد القادم من عدة جهات، غلب على وصف النزاع على نحو صدام بين الحضارات بين العالم الاسلامي و المجتمع الغربي. فكان أن صور المتطرفون الآخرون بأن صراعهم غير أخلاقي وخالي من الشرعية الدينية، كما صورت اسرائيل واليهود الآخرين على أنهم "رأس جسر" معادي للعالم العربي بصفة خاصة والعالم الاسلامي بصفة عامة.

الحقيقة ، ومع ذلك ، فإن ما نشهده هو ليس صداما بين الحضارات بقدر ما الصدام داخل الحضارات. هو صدام بين هذه العناصر داخل الثقافة الدينية حيث أن التعويض والاذلال والاقصاء أدى بهم الى الصراع داخل مجتمعاتهم وكذلك الى خارج تلك الثقافة الدينية ، وبين هؤلاء الذين يسعون الى الانخراط ببناء مجتمعات اخرى من الثقافة كجزء من العالم والتفاعل الايجابي مع الحداثة.

هذا "الصدام داخل الحضارات" يعنى ان الاصوات المستنيره على كلا الجانبين تقع عليها مسؤولية العمل معا ليس فقط كي تكون أكبر من مجموع الإختلافات وانما ايضا لتوفير الدليل البديل الاساسي، ألا وهو التعاون بين الثقافات والاديان القائم على الاحترام المتبادل. على وجه الخصوص ، فإن القادة اليهود والمسلمين عليهم واجب وطني تجاه مجتمعاتهم المحلية وتقاليدهم الدينية لمواجهة الاستغلال المدمر لهويتهم الدينية ولحضاراتهم الدينية، ولكي يستخلصوا من هذه الامثله مجد التعاون في الماضي والتآزر بين أبناء ابراهيم، مسلمون ومسيحيون ويهود من أجل فائدة الجميع.

افحام اليهود- (بذل المجهود في إفحام اليهود) المؤلف السموأل بن يحي المغربي

אפחאם אל יהוד

افحام اليهود

הספר " אפחאם אליהוד " – השחרת היהדות, נכתב על ידי לא אחר מאשר בנו של מחבר " עת שערי רצון " רבי יהודה בן שמואל עבאס שחי במאה ה13…בנו שמואל שנאלץ להתאסלם עקב רדיפות המאוחידון, כתב כנרה את הספר הזה בלחץ הרודפים ועל מנת להציל את נפשו מהם…..כאשר נוברים בהיסטוריה, זה כמו ארכיאולוגיה…אתה יודע מתי אתה מתחיל ואינך יודע לאן תגיע….

יהודה בן שמואל עבאס חי במאה הי״ג.

היה חכם משורר וחבירו של ר׳ יהודה הלוי, וזה האחרון הרבה לחלוק לו כבוד ותהלה. נאלץ לברות מפאס בזמן רדיפות האלמוואתדין. התיישב בארם צובה. משירתו שרדו בידינו כעשרים מפיוטיו. המפורסם שבהם הוא השיר ״עת שערי רצון״ המתאר את עקידת יצחק, ונוהגים לאומרו בקהילות ספרד והמזרח ביום ראש השנה לפני תקיעת שופר, וקהילות מארוקו נוהגים לאומרו גם ביום הכיפורים לפני הוצאת ספר תורה במנחה, כששערי ההיכל פתוחים. בשיר זה רמז והביע למעשה גם על עקידתו הפרטית שעקדו את בנו שמואל האלמוואחדין והתאסלם. בנו זה לאחר שהתאסלם הפך להיות מומר ואף חיבר ספר ״אפחאם אליהוד״ (= השחרת היהדות) נגד היהדות ותורתה. ר׳ יהודה ידוע גם בכינוי (הספרותי ?) ״אבו בקא אלמוגריבי״.

La tradition orale de Taroudant et de Marrakech; de Joseph Chetrit à Latifa Assimi

SETTAT

La tradition orale de Taroudant et de Marrakech; de Joseph Chetrit à Latifa Assimi

عناية الإنقاذ تعود إلى بعض أوجه الثقافة

في بعض ربوع الجنوب

http://orbinah.blog4ever.com/en-arabe-la-tradition-orale-de-taroudant-et-de-marrakech-de-joseph-chetrit-a-latifa-assimi?trck=notif-11240689-1305647-11.GP

 

 

قالو زمان:

حبـ'ـس، آ-عزّنا، ورتـ'ـح بلّاتي؛

اجي عندي، نكًول ليك حديثي؛

عنداك، اوا، تنساو الجانوب.

    ***

حتّــــى حنا عندنا ماشاريع،

من كًـُـليمين لأمّ الرابيع،

باش نخدمو الشعب المحبوب.

———–

 

ذلك بعضُ ما كان صوت صيحات رقعة من رقع الجنوب في الستينات من القرن العشرين، الرقعة التي يتمثل قطباها في كل مراكش وتارودانت، اللتين كانتا تشكلان يوما قطب المغرب سياسية وعلما وصناعة، قبل أن تتغير الموازين وتتبدل مراكز الثقل، لتجد تانك الحاضرتان نفسيهما ولم يعُد يهتمّ بهما سوى بعض الزرافات من السوّاح من الراغبين في التوغل في دروب غرائبيات الماضي. ربما تعقد اليوم تانك الحاضرتان أمالا كبيرة على الهيكلة الجهوية الجديدة على مستوى جميع القطاعات، ومن بينها قطاع البعث الثقافي.

ما هو من باب الجديد على مستوى هذا القطاع هو ما يتمّ اليوم من مبادرات فردية لبعض أهل تلك الربوع، ممن أخذوا يعودون إلى الذاكرة لتدوين بعض أوجه ثقافة تينك المدينتين المتكاملتين ثقافيا وبشريا وحضريا في كلا جانبي الأطلس الكبير الذي غذاهما معا جغرافيا وبشريا عبر التاريخ. يتعلق الأمر بمبادرات فردية عفوية لجمع أعشار الجانب الشفهي واللامادي لتلك الثقافة مما تُنذر المشاهد السوسيو-ثقافية الجديدة المتسارعة التبدّل والتغير بلفّه إلى الأبد في طي النسيان لكي يكون كأنه لم يكن قط.

ففي بداية الصيف الذي ودعناه (2015) نزل إلى السوق كتاب جميل، بديع في إخراجه، وازن في ميزان مضامين ما يحتويه، وخفيف في قراءته كخفة الظرافة المراكشية. إنه كتاب "الطنجية المراكشية ومحيطها من الأدبيات الشعبية" لإحدى بنات مراكش، الأستاذة لطيفة العاصمي (انظر تقديما هـــنـــا)، كتاب أنقذ من التلف والضياع، بالتدوينين الكتابي والسمعي، "بطاقات بريدية" أدبية لكثير من المعارف والتقاليد والعادات وفنون القول المرتبطة بالحياة اليومية وبحياة المناسبات المختلفة في المدينة الحمراء.

وفي ما بين صيفي 2014 و2015، صدر تباعا كتابان لأحد أبناء تارودانت، الباحث السيميوطيقي، يوسف شطريت(Joseph Chetrit)، جمع فيهما رصيدا غنيا من الأمثال اليهودية المغربية تتوزع، باعتبار مقياس روّاتها المنقولة عنهم، على جميع حواضر المغرب؛ ولكن نواتها تتشكل من ديوان أمثال يهود تارودانت بعربيتهم الحافلة معجمها بالمفردات والتعابير الأمازيغية، ذلك الديوان الذي شكل قسما كاملا (القسم الثالث) من كتاب ضخم (750 ص) سابق صدر لنفس لمؤلف باللغة العبرية سنة 2009 تحت عنوان לשון ומאגריה, לשון ומארגיה ("اللغة وخزائنها، اللغة وتطريزاتها").

أما الكتابان الآخيران ليوسف شطريت، فقد بُـوّبت فيهما الأمثال تبويبا حسب المواضيع، حيث خصص كتاب 2014(Paroles exquises. Proverbes judéo-marocains sur la vie et la famille) للأمثال المتعلقة بالحياة وبالأسرة، مع تبويبات فرعية مناسبة؛ أما الكتاب الثاني المكمل 2015 (Paroles affables. Proverbes judéo-marocains sur l’hospitalité et l’amitié) فقد خُصص لما قيل حول الضيافة والصداقة مع تبويبات فرعية مناسبة كذلك.

وفي هذين الكتابين معا، يدوّن المؤلف نص المثل من الأمثال بكل من الأحرف الثلاثة، العربي والعبري واللاتيني، ويعطي الترجمتين، الفرنسية والعبرية، لما مجموعه ما بين الكتابين 1100 مثلٍ بالعربية المغربية المهوّدة.

التواجد اليهودي في المغرب و الإشكاليات

التواجد اليهودي في المغرب و الإشكاليات

قطع رأس زليخة الطنجاوية سنة 1834م .

قطع رأس زليخة الطنجاوية سنة 1834م .סוליקה הקדושה

ولدت زليخة حتشويل (سوليكة الصديقة) بمدينة طنجة شمال المغرب, لأسرة يهوية مرموقة في المجتمع الطنجاوي آنذاك. كانت زليخة فتاة في غاية الحسن والجمال. ارتبطت بعلاقة صداقة مع فتاة مغربية مسلمة اسمها الطاهرة, تنتمي الى اسرة طنجاوية غنية.

كانت سوليكة الصديقة (زليخة ) دائما ما تتردد على بيت صديقتها المسلمة, مما كان يزعج ام الطاهرة المحافظة ويسعد اخ الطاهرة الذي تعلق قلبه بالفتاة اليهودية ذات الحسن و الجمال .

عرضت الطاهرة على صديقتها اليهودية اعتناق الاسلام , بهدف التخلص من تعليقات امها و فتح الطريق لزواج محتمل بين صديقتها واخيها ..لكن زليخة رفضت الخروج عن يهوديتها و تمسكت بعقيدتها .

امام هذا الموقف ,قررت الطاهرة فرض الامر الواقع على صديقتها, و اطلقت اشاعة اسلامها . و انتشر الخبر انتشار النار في الهشيم .حيث اصبح خبر اسلام الفتاة اليهودية التي تنتمي الى اسرة يهودية معروفة حديث العامة و الخاصة . امام انكار زليخة استدعاها باشا طنجة و حذرها من مواجهة عقوبة المرتد .

امام اصرار زليخة على انكار دخولها في الإسلام تدخل يهود المدينة بما فيهم أبوها حاييم وأمها سمحة وأخوها وحاولوا اقناعها بأن تعلن إسلامها تحايلا حتى لا يقطع رأسها.

إلا ان زليخة لم تغير موقفها مما دفع باشا طنجة الى ارسالها للمحاكمة في فاس .

حاول السلطان مولاي عبد الرحمان انقاذ زليخة من خلال ارسال ممثليه لاقناعها باعتناق الاسلام . لكن تشبث زليخة بعقيدتها (قالت : ولدت يهودية و سوف اموت يهودية) و ضغوطات فقهاء فاس خاصة المفتي أبو يحيى السراج , دفعت السلطان للسماح للقاضي احمد البناني باصدار حكم الاعدام في حق زليخة .

قطع رأس زليخة وسط فاس في خريف سنة 1834، وتم دفنها هناك، وقبرها لازال إلى اليوم محجا لليهود الذين يتبركون بها باعتبارها شهيدة و ولية من الأولياء الصالحين.

………………..
لمزيد من المعلومات حول هذه الواقعة المحزنة انصحكم بكتاب: L’autre juive Solikha la tsadika للباحث المغربي سعيد صياغ

 

يهود المغرب.. النزيف المرعب

يهود المغرب.. النزيف المرعب 

يهود 3يهود 3
 
في كتابه «اليهود والمسلمون بالمغرب»، يقول محمد كنبيب، الباحث المتخصص في تاريخ المغاربة اليهود: «مازال هناك ضباب كثيف يخيم على تاريخ اليهود الأوائل بالمغرب. إنه لغز يستعصي حله». 

أما الناشط الحقوقي والسياسي المغربي «سيون أسيدون»، فإنه يؤكد، في معرض حديثه عن أصل اليهود في المغرب، ضرورة وضع هذا الموضوع في سياقه التاريخي، مميزا بين ثلاث مراحل، لكل مرحلة سماتها.. مرتفعاتها ومنخفضاتها: مرحلة ما قبل الإسلام، حيث تعايشت الطائفة اليهودية مع طوائف مسيحية رومانية، ومرحلة إسلامية، ومرحلة استقلال المغرب.

بين الأمازيغ والرومان

مما لا شك فيه أن الوجود اليهودي في المغرب يمتد إلى ما يقرب من ألفي سنة، حيث دلت على ذلك نقوش وحفريات عثر عليها بالمآثر الرومانية بالمدن المغربية مثل «وليلي» و«ليكسوس»، حفرت فوقها حروف باللغة العبرية، لكن أساطير وقصصا أخرى في بعض المصادر القديمة اليونانية والإغريقية، أوردها ابن خلدون، تحكي عن مطاردة جيوش داود للكنعانيين، وجلائهم عن فلسطين، ووصولهم إلى ساحل الأطلسي بالمغرب. إنهم من أقدم الشعوب التي استوطنت أراضي المغرب.

وبالعودة إلى الرواة والمؤرخين العرب، ومؤلفاتهم «الإسطوغرافية» العربية الإسلامية للعصور الوسيطة والحديثة والمعاصرة، مثلما هو الحال مع كتابات عبد الواحد المراكشي، وعبد الرحمان بن خلدون، والطبري وابن أبي زرع والفشتالي والإفراني، وأكنسوس، والناصري وابن الخطيب، فإن جماعات يهودية أمازيغية قاومت لفترة من الوقت الفتح الإسلامي لبلاد المغرب، وهو ما يفسر تقديم الكاهنة «داهية» التي وحدت قبائل الأمازيغ على أنها يهودية. تناقص عددهم بعد الفتح الإسلامي، حيث اعتبرت مصادر من التاريخ العبري أن بعض القبائل الأمازيغية اليهودية دخلت في الإسلام تحت الإكراه.

تكتل اليهود المغاربة ونزوعهم نحو العزلة سيترك لهم هوامش للحفاظ على ثقافتهم وديانتهم ولغتهم القديمة، إبان الدولة الإدريسية. اندماجهم كان محدودا، لكن مصادر من التراث المغربي أشارت إلى أن إدريس الأول تحالف مع بعض اليهود في مواجهة الخليفة العباسي هارون الرشيد في الشرق، وتبقى انتكاستهم التاريخية الأولى بأرض المغرب أثناء حلول العصر الموحدي، الذي ستفرض فيه العقيدة السنية الموحدة بالقوة، ما سيؤدي إلى تعرضهم لبعض الاضطهاد الرسمي والشعبي. ويقول تقرير نشرته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية في ماي سنة 2009 للصحافي «يميني بن درور»: «أسفر تولي سلالة الموحدين للسلطة عن سلسلة من المذابح الكبرى، حيث أفادت إحدى الشهادات التاريخية بأن مائة ألف يهودي ذبحوا في فاس، ونحو 120 ألفا في مراكش».

المراجع العبرية، التي يصطلح على تسميتها بـ«علم القبانة»، تقول: «هاجر اليهود الأوائل إلى هذه المنطقة (المغرب) بعد تدمير الهيكل الثاني في القدس، أما الموجة الثانية فقد هاجرت من شبه الجزيرة الإيبيرية في الفترة السابقة مباشرة بعد مرسوم الحمراء عام 1492، عندما تم طرد اليهود من ممالك إسبانيا والبرتغال». وهنا تبرز واحدة من أهم اللحظات التاريخية في سيرة اليهود المغاربة: سقوط الأندلس، فالفردوس المفقود كان فاجعة بالنسبة إلى المسلمين واليهود على حد سواء.

يقول الباحث أمين الكوهن: »غالبا ما يحاول المؤرخون العبريون اعتبار اليهود أيضا ضحايا للاضطهاد الكاثوليكي في الأندلس، من قبل إيزابيلا وقساوستها، لكننا لم نتوصل إلى ما يدل على أن محاكم التفتيش كانت تستهدفهم».

الباحث الأركيولوجي زكرياء العزوزي، في جوابه عن أصل اليهود المغاربة، قال: «هناك إيحاء حقيقي في أسماء الجنس اليهودي بالمغرب، فكلمة «مغورشيم»، تعني المطارد، وهم اليهود الذين بدؤوا يتوافدون على المغرب منذ سنة 1492 بعد طردهم من الأندلس، أما لفظة «تشاييم» فالمقصود بها الطائفة المحلية، وهي الأصلية التي تمتد إلى ما قبل الميلاد بقرون».

الجلاء من الأندلس سيمكن اليهود من جلب تحضرهم وحسن تدبيرهم، واحتلال أغلبهم مكانة متميزة في المجتمع المغربي، منهم من دخل إلى الإسلام، ومنهم من حافظ على عقيدته الأولى، لكن مساهمتهم الحضارية والثقافية في جميع مناحي الحياة كانت بارزة، حيث أعادوا استنساخ المعمار الأندلسي، وقدموا معارفهم الفكرية في الطب والصيدلة، والموسيقى والطبخ، فلا يكاد يوجد منزل مغربي يخلو من أثر يهودي في الشكل أو في العادة.

الأديب المغربي اليهودي الراحل، إدمون عمران المالح، في كتابه (الثقافة اليهودية بالمغرب)، يؤكد مسألة التلاقح والتأثير المتبادل، وينفي أن يكون قدوم اليهود إلى المغرب مؤثرا من جانب واحد. يقول المالح: »إن الطائفة اليهودية بالمغرب بعدما أثريت وطعمت بقدوم يهود الأندلس… حيث وجدت نفسها في الآن ذاته متجذرة ومتحصنة في أرض الإسلام، فامتزجت في نطاق كيان وطني متأصل في حدوده الترابية الاجتماعية والسياسية والدينية».

»أرض الإسلام» كلمة موحية تقود نحو وضع اليهود القانوني والشرعي على هذه الأرض. إنهم الذميون أهل الكتاب، دماؤهم حرام وأموالهم حرام على المسلمين، وهم يعيشون في كنف الإمام/السلطان، ووفقا لقواعد النظام القانوني الإسلامي، كانت لهم محاكم قانونية منفصلة تتعلق بـ«قانون الأحوال الشخصية»، والتي بموجبها يطبقون الشريعة «الموسوية»، وأحكامهم الشرعية المستنبطة من الفقه التوراتي ومن التلمود، والذي كان الفضل في إعادة إحيائه وتعليمه واستنباط الأحكام منه يرجع إلى يهودي مغربي يدعى «إسحاق الفاسي».

يهود القصور 

الحضور اليهودي بالمغرب خلق مناخا ثقافيا جديدا انتبه إليه السلطان، خصوصا إزاء ما أبان عنه اليهود من قدرة على تدبير الخلاف، وسلمية وذكاء في التعايش داخل الأوساط المجتمعية المختلفة، فكانت بداية تقريبهم من قبل البلاط. يقول زكرياء العزوزي: «احتفظت الطائفة اليهودية بميزاتها الخاصة وعاداتها ونمط حياتها اليومي والسلوكي، وقد فضلت الاستقرار بالمدن الكبرى. لقد قدموا نموذجا حضاريا جعل السلطان يلتفت إليهم».

وخلال بحث قدمته اليهودية المغربية «نيكول الزرفاتي» المتخصصة في التاريخ اللساني ليهود المغرب، تحاول المتخصصة في البحث في تاريخ اليهود في إفريقيا من خلال مركز دراسات إسباني، أن تثبت أن السلاطين الوطاسيين والسعديين والعلويين الذين تعاقبوا على حكم المغرب، على امتداد القرون الخمسة الماضية، اعتمدوا في مسائلهم المالية والتجارية والاستشارية على الخبرات اليهودية، رغم ما كان يشكله اليهود من أقلية في بلاد الإسلام (المغرب).

بالرجوع إلى عدد من المصادر، نقف على عدد من الأسماء التي رافقت السلاطين، بل وكانت لها مساهمة واضحة في مسار بعض الممالك المغربية. أول يهودي مغربي برز اسمه بشكل واضح على عهد السلطان يوسف بن تاشفين هو «سليمان بن فاروسال» الذي كلفه ابن تاشفين بالعلاقات الخارجية. لقد لمس ابن تاشفين قدرة الرجل على التفاوض، ففوض له مسائل دبلوماسية، خصوصا أن الأندلس كانت تعج ببني عقيدته. سيغتال ابن فاروسال في إحدى معارك المرابطين، وسيرثيه شعراء البلاط المرابطي.

في سنة 2002، سيظهر بحث بجامعة ستانفورد يحمل عنوان: «يهود السلطان.. عالم السفرديم بالمغرب»، لدانييل شرودر. هذا الكتاب سيقف كثيرا عند شخصيتين يهوديتين كان لهما أثر كبير في تاريخ الدولة العلوية، أحدهما هو «صامويل سومبال»، والثاني هو «مايير مقنين». الأول كان مستشارا دبلوماسيا للسلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله، والكاتب الرئيس في ديوانه، ويقال إنه هو الذي نبه السلطان إلى أهمية الموانئ البحرية، ودفعه إلى الاستقرار بالجديدة، لقربها من مدينة الصويرة، المدينة التي تعرف حضورا متجذرا لليهود المغاربة، ثم توفق ابن سومبال بعد ذلك في جعل الصويرة أهم ميناء في المغرب، ومركزا لإقامة كل القنصليات الأجنبية.

جاكوب بنيامين، أحد أعضاء الجماعات اليهودية بطنجة، يقول: «منذ قرون والعالم يثق فينا وفي آرائنا»، بينما يرجع الباحث خالد بن الصغير، مترجم بحث «شرودر»، تمييز السلطان للصويرة، مدينة وميناء، إلى حرصه على التحكم في مداخيل التجارة في الموانئ الجنوبية، التي كانت تعرف حالات تمرد من طرف بعض العمال والنافذين السياسيين في الجنوب، كما هي حالة العامل «الطالب صالح» الذي استأثر لزمن بمداخيل ميناء أكادير، وقد جرى العرف السلطاني التجاري بإقراض التجار اليهود رؤوس الأموال اللازمة لتجارتهم، ولهذا كانوا يحملون صفة «تجار السلطان»، الذين يغذون الخزينة بمداخيل الرسوم الجمركية، كما كان يعول عليهم في تلبية حاجات المخزن من الأسلحة وباقي اللوازم. 

تجار السلطان كانوا يتمتعون ببعض الرخص والامتيازات، لكن عندما تتأزم الظروف يطالبهم السلطان بأداء القروض، وربما الزيادة من الأموال لضخها في بيت المال.

«شرودر»، وهو ينقب في كنانيش تجارية قديمة من القرن التاسع عشر، سيجد حصرا لكل المواد التي احتكر اليهودي «مقنين» استيرادها إلى المغرب أو جلبها لدار المخزن خصيصا (النسيج، البن، الإبزار، السكر، الورق، قضبان الحديد)، وعندما سيصل الشاي الأخضر من الصين عبر إنجلترا، سيحتكر توريده اليهودي «مقنين»، فالمشروب الشعبي للمغاربة أدخله اليهود.

 بالرجوع إلى الوثائق السلطانية، نجد ظهيرا للسلطان مولاي عبد الرحمن مؤرخا في 22 صفر 1239هـ الموافق لـ28 أكتوبر 1823، ورد فيه: «اقتضى نظرنا الشريف الإنعام عليه بالوسق من أربعة من مراسينا، وهي العرائش ومزكان والدار البيضاء وآسفي، لأنواع السلع الآتية: القمح والثيران والغنم والدجاج والشمع والجلود والصوف، ولجميع الموسوقات من السلع الخارجة، وأمرنا بأن يتخذ نوابا عنه في جميع المراسي المذكورة، فيلزم على كل من يريد وسق السلع من تلك المراسي، الحصول منه على إذن بذلك، والتفاهم معه أو مع نوابه»، والمقصود بالمنعم عليه اليهودي «مايير مقنين»، كما أورد ذلك شرودر، هذا الظهير ليس سوى تتمة لظهير سابق أصدره المولى سليمان سنة 1809، السلطان الذي عرف بسياسة الاحتراز والحيطة من الغرب الأوربي، وخاض حروبا ضد إسبانيا والبرتغال، سيأتمن آل المقنين من خلال إصداره ظهيرا سلطانيا سنة 1809 موجها إلى محمد عبد الصادق عامل الصويرة، كتب إليه ما يلي: «نأمر وصيفنا الحاج محمد بن عبد الصادق أن يبقي التاجر ولد مقنين على ما اعتاده منا من المراعاة والتمييز عن غيره من أهل الذمة، لقيامه بوظائف خدمتنا الشريفة، واعتزازه بها.. فراع فيه هذا القدر، ولا تترك أحدا يسومه خسفا».

الباحث أمين الكوهن يشير إلى مسألة أساسية، وهي أن اليهود المغاربة، فضلا عن مهامهم الرسمية المرتبطة بالسلطان، كانوا يقومون باستغلال ظرفية الحرب ضد الأيبيريين، والتي عرفت بالجهاد البحري، ويتولون الوساطة في عمليات افتداء الأسرى الفرنجة.

هذا الوضع المتميز والمتقدم لليهود المغاربة يرجعه الباحثون في تاريخ اليهود، في أكثر من مرجع، إلى اعتبارهم جزءا من المجتمع اليهودي العالمي النافذ إلى بلاطات الحكام الأوربيين، والمتمركز في أهم مواقع التجارة البحرية آنذاك.

كان القرن التاسع عشر قرنا عاش فيه اليهود المغاربة توهجا كبيرا، وتبوؤوا مواقع هامة داخل المجتمع والمخزن، حتى وصل الأمر بالسلطان الحسن الأول إلى كتابة رسالة إلى بعض ولاته يقول فيها: «إن الواجب يدعونا إلى احترام اليهود والدفاع عنهم، وأن نحمي حياتهم وممتلكاتهم وأن نحصنها.. وسأقف بنفسي ضد كل من اعتدى عليهم».

لقد كان تحذيرا من السلطان لما لمس بعض الانحرافات الاجتماعية التي بدأت تظهر داخل المجتمع المغربي المسلم، وخصوصا نظرتهم الدونية إلى اليهود، ورغم أنه لم تشب هذه المرحلة أي اعتداءات جسدية، فإنه على المستوى الشعبي كان اليهود المغاربة في بعض المواقع يعانون نبذا اجتماعيا.

لكن يبدو أن السلطان الحسن الأول كان يتنبأ بما سيحدث لليهود سنوات قليلة بعد وفاته، ففي بداية القرن العشرين بدأت أوضاعهم في التراجع، ولا سبب يجده المؤرخون سوى تراجع حركة التجارة اليهودية، وسيطرة الأوربيين الفرنسيين والإنجليز بالخصوص على موانئ المغرب، حيث سحب البساط من تحت أقدام اليهود. يقول «شرودر» في كتابه «تاريخ الصويرة»، الذي ترجمه إلى العربية الأكاديمي خالد بن الصغير: «إن الطائفة اليهودية في المغرب عرفت، في الفترة المعاصرة، أزمات سياسية واقتصادية مقارنة بمستوى وضعيتهم في القرن 18 والقرن 19، وذلك راجع إلى مساهمة نظام الحماية الفرنسية في تعجيل ظاهرة تردي أوضاع العديد من اليهود الذين كان مصيرهم وثيق الارتباط بالقصر والسلطان».

يهود المغرب المحتل

عندما دخلت الحماية الفرنسية والإسبانية إلى بلاد المغرب وجدت بلدا قروسطيا، متخلفا يعج بالتناقضات، وفي الآن نفسه مجتمعا يسوده نوع من التساكن، وبالنظر إلى الحضور اليهودي في المجتمع المغربي، يمكننا أن نقف على إسهامات هائلة ارتبطت بوجود الطائفة اليهودية فوق الأرض المغربية، وبحقيقة أدوارها داخل الدولة والمجتمع المغربيين لعهود طويلة، فقد كان منهم التاجر والصراف والطبيب والمستشار والحرفي والفلاح… وكانوا ينتظمون في إطار روابط جماعية مع باقي المكونات العربية والأمازيغية والأندلسية، من دون أن يؤثر ذلك في شيء على التساكن المتوارث تاريخيا بين مختلف تلك المكونات.

الباحث والأكاديمي أسامة الزكاري: «الملاحظ أن هذا التجانس لم يتململ عن منطلقاته الراسخة إلا مع دخول الاستعمارين الفرنسي والإسباني إلى بلادنا في مطلع القرن 20. في هذا الإطار، سعى الاستعمار إلى تأجيج التناقضات الداخلية للمجتمع المغربي بتوجيه البحث المسمى «علميا»، الوظيفي المنزع، نحو تفكيك مكونات الجسد الواحد، والاهتمام بواقع «التنافر» القائم على تعارض الخصوصيات، وعلى تباين آفاق التعايش المشترك بين مغاربة المرحلة». 

وربما انتبه اليهود المغاربة المواطنون إلى هذا الفخ، وهو ما دفع «عزوز كوهين» إلى إصدار بيان ونداء إلى اليهود المغاربة باللغتين الفرنسية والعبرية، يحثهم فيه على تعلم اللغة العربية، قائلا في هذا النداء الذي أصدره سنة 1933: «المغرب الذي ولدتم فيه وتربطكم به أكثر من آصرة، لغته الرسمية هي العربية، إنها ليست فقط اللغة الرسمية إنها لغة آبائكم، واللغة المتداولة بيننا وبين مواطنينا.. يجب أن نتحرك عاجلا لتعلمها. إن اللغة العربية ستسمح لنا بتواصل أشمل وبتقدم معرفي واجتماعي أفضل.. من أجل هذا وجهت إليكم هذا النداء، تعلموا اللغة العربية وعلموها، فلا غنى لكم عنها»…

عزوز كوهين سيتجاوز الدعوة إلى تعلم اللغة العربية، إلى فرضها في المدارس اليهودية، واعتبار الفرنسية لغة للتفرقة بين المغاربة، ثم سينحو إلى توجيه نداء للتوحد مع المسلمين المغاربة ضد الحماية.

لكن الكاتب المغربي اليهودي، إدموند عمران المالح، له رأي آخر في هذه المرحلة. يقول: «بمجرد إبرام اتفاقية الحماية، فتحت العصبة اليهودية المدارس في المدن الكبرى، لكن بدت هذه العصبة كمؤسسة خاصة، كان ارتباطها وثيقا بأجهزة الدولة، وبالدائرة الحكومية الفرنسية، فاستقلالها الذاتي، شكلي فقط، وهو يخفي سياسة امبريالية تحت غطاء العمل التحرري والتقدمي والحضاري».

في عام 1941 أنشئت في فرنسا الكولونيالية لجنة عامة بخصوص المسألة اليهودية، تحت قيادة «كسافيير فالات»، لتطبيق وتنفيذ قوانين معادية للطوائف اليهودية. وقد كان هذا جزءا من بدء العمل بتشريع «فيشي» القاضي بمعاداة السامية من قبل الحكومة الفرنسية، التي كانت تخضع لألمانيا النازية، وتداعت تطبيقات هذا القانون العنصري على يهود شمال إفريقيا التي كانت تحتلها فرنسا، فمنع اليهود من جميع امتيازات المواطنة كالشغل والعمل أو الانتماء إلى الجندية، بل تم منعهم حتى من التجارة. وقد طبق هذا القانون بشكل أكثر حدة في الجزائر، لكن، الباحثة في جامعة ستانفورد الأمريكية، سارة سوسمان، ترى أنه «عكس الجزائر، كان اليهود في المغرب وتونس يعرفون على أساس انتمائهم الديني. هذا التمييز أتاح لمؤسسات المجتمع اليهودي استقلالية أكبر، خففت بعض الشيء من أثر القوانين المعادية لليهود، وتم السماح لليهود بتقلد المناصب داخل مجتمعاتهم. وهذا لم يمنع من وجود بعض الانفلاتات، ففي المغرب، تم إجبار اليهود الذين انتقلوا إلى الأحياء الحضرية الأوربية على العودة إلى الأحياء اليهودية التقليدية المعروفة باسم ملاح».

السلطان محمد بن يوسف سيكون له موقف حاسم من تشريعات «فيشي»، فقد اعتبر أمير المؤمنين وحامي أهل الذمة هذه القوانين التي تميز بين رعاياه على أساس العرق مرفوضة، وأعلن على الملأ رفض تطبيقها، غير أن البلاد كانت بدأت تتحول نحو الاعتداء على اليهود والتحرش بهم، تارة عن طريق المغاربة المسلمين، وتارة عن طريق المعمرين الذين تأثروا بصعود اليمين المتطرف إلى الحكم في فرنسا.

في تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية صيف 1941، جاء التأكيد الرسمي من فرنسا أن الملك محمد بن يوسف يجاهر بعدم الامتثال لقوانين «فيشي» وتشريعاتها العنصرية، فكان رد الملك بأن أقام حفلا بمناسبة عيد العرش استدعى إليه رجالات الإدارة الفرنسية، وشخصيات بارزة، ولأول مرة سيقوم السلطان بدعوة أعضاء من الجماعة اليهودية المغربية، وأجلسهم في أبرز المواقع بجانب الضباط الفرنسيين، وعندما أظهر الضباط الفرنسيون دهشتهم وامتعاضهم من ذلك، توجه محمد الخامس إليهم بالقول: «لا أعترف بالقوانين الجديدة المعادية للسامية، وأرفض الانصياع لشيء لا أقبله، وأؤكد أنه مثل العهد السابق، فإن اليهود سيبقون تحت حمايتي، لأنني أرفض أي تفرقة يمكن أن تتم بين أفراد شعبي».

بعد هذا الحدث سيستقبل محمد الخامس في سنة 1942 بالقصر الملكي بالرباط ممثلين عن يهود، وصرح لهم بأنه لا يفرق بينهم وبين المواطنين المغاربة المسلمين، وهو ما ستبادر الطائفة اليهودية المغربية إلى تبليغه للمؤتمر العالمي اليهودي بنيويورك في السنة نفسها.

الهجرة إلى أرض الميعاد

لقد ظل الملك محمد الخامس يرفض دائما عملية تهجير اليهود المغاربة نحو إسرائيل، وهو ما نشرته سنة 1948 النيويورك تايمز حين كتبت: «سلطان المغرب يعارض ذهاب اليهود إلى إسرائيل». لقد استوعب الملك أن نشاط الدعاية الصهيونية، وما كانت تروجه تحت مسمى «نداء الرب» أو «وعد الله»، سيؤثر بشكل كبير على النفسية الجماعية ليهود المغرب، خصوصا مع الاضطهاد الشعبي الذي بدأ يتنامى ضدهم عقب احتلال فلسطين سنة 1948، حيث أدت الأحداث التي شهدها العالم العربي في تلك الفترة إلى خلق البلبلة في صفوف يهود المغرب، انضافت إليها أحداث وجدة وجرادة وهي المذبحة التي وقعت في 07-08 يونيو، 1948، أي أياما بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين، حيث قتل في تلك الأحداث 42 يهوديا، وأصيب ما يقرب من 150 يهوديا على أيدي المغاربة المسلمين في رد فعل على احتلال فلسطين. الهجرة ستتضخم قبيل سنة 1950، إلى أن صدر حظر رسمي من قبل الحكومة المغربية. ومع ذلك، تواصلت الهجرة بشكل سري. وفي سنة 1956، سينال المغرب استقلاله، وعاد الملك محمد الخامس ليؤكد مواقفه من اليهود المغاربة، فمنح حقوقا سياسية لليهود، وكان أول خطاب صرح فيه بأن اليهود المغاربة مواطنون كاملو المواطنة، وتوج ذلك بتعيينه لليهودي بنزاكين في حكومة امبارك البكاي، وأصدر أوامره بتوقيف الهجرة، حيث توقفت عملية تسهيل إعطاء الجوازات لليهود المغاربة، ولكنها لم تمنع كليا. الباحث المتخصص في تاريخ اليهود بالمغرب، أمين الكوهن، يعتبر أن العملية تمت بشكل واسع مباشرة بعد وفاة محمد الخامس، إذ تم إنشاء مكتب مخصص لجوازات سفر اليهود، وسقطت مقاومة الوطنيين اليهود لمسألة التهجير، بعد أن أصبح القانون يتيح عملية التهجير بتسهيل إعطاء الجوازات لليهود المغاربة، يقول الكوهن: «كانت هناك جوازات جماعية تمنح لليهود المغاربة».

 الباحث والصحافي، جامع بيضا، يقف عند مرحلة التهجير، محملا المسؤولية للدعم الغربي الذي رعى عملية مغادرة اليهود نحو إسرائيل، يقول بيضا: «غداة الحرب العالمية الثانية، خضع المغرب والعالم لمناخ سياسي جديد تصاعدت فيه الدعاية الصهيونية تحت تأثير مستجدات الشرق الأوسط، أهمها ميلاد دولة إسرائيل سنة 1948. وكان هم الدعاية الصهيونية، التي اشتد عضدها بفعل الدعم الغربي، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، هو العمل بكل الوسائل على تهجير اليهود إلى «أرض الميعاد». وقد أوكلت هذه المهمة في المغرب منذ أبريل 1949 لجهاز صهيوني يحمل اسم «كاديما» (إلى الأمام) راهن على الأزمة المغربية-الفرنسية وعلى تداعيات أحداث الشرق الأوسط، وعلى اتجاه المغرب نحو «مستقبل مجهول» في ظل الاستقلال لكي يقتلع اليهود المغاربة من أرض أجدادهم، فتصاعدت هجرتهم إما إلى إسرائيل أو إلى بعض الدول الأوربية (خاصة فرنسا) أو إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. وبالرغم من إقدام الحكومة المغربية على حظر نشاط «كاديما» في يونيو 1956، فإن عملية الهجرة (أو التهجير أحيانا) لم تزد إلا عنفوانا بمرور السنين، فانتقل عدد سكان المغرب من اليهود من 250000 نسمة سنة 1948 إلى 160000 سنة 1960 إلى 40000 سنة 1967 إلى أقل من 4000 اليوم».

في 10 يناير 1961، ستغرق سفينة «إيغوز» التي كانت تحمل على ظهرها 44 مهاجرا يهوديا على الساحل الشمالي للمغرب، قبالة شاطئ الحسيمة. العملية سيشيع صداها عالميا، وهو ما خلق ضغطا كبيرا على السلطات المغربية والمؤسسات الصهيونية على حد سواء.

ثم جاءت عملية «ياشين»، التي أشار إليها كتاب «يهود الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في العصر الحديث»، لكل من سيمون ريفا ومايكل لازكيير وسارة ريكير جاء فيه: «كانت عملية Yachin عملية منظمة لهجرة اليهود المغاربة سرا إلى إسرائيل، وهي العملية التي أجراها الموساد الإسرائيلي بين نوفمبر 1961 وربيع 1964. حيث غادر حوالي 80.000 يهودي مغربي نحو إسرائيل على متن الطائرات والسفن انطلاقا من الدار البيضاء وطنجة عبر فرنسا وإيطاليا. وقد حظيت العملية أيضا بمساعدة هامة من الجنرال فرانكو حاكم إسبانيا. ومع ذلك، استقر بعض اليهود في فرنسا وكندا والولايات المتحدة بدلا من إسرائيل. وقد تلقى المغرب تعويضات مقابل تسهيل العملية». يقول أمين الكوهن: «كان شيمون ليفي يعتبر أن عملية الهجرة تمت بيعا وشراء، وقد أسر لي بأن ثمن اليهودي المغربي ارتفع من 25 دولارا للشخص إلى 250 دولارا، وقد رحل وزير مغربي آنذاك إلى سويسرا لقبض الثمن».

في ماي 2001، وخلال حوار أجرته معه صحيفة le journal، قال المناضل السياسي أبراهام السرفاتي، عن ذكرياته عن مرحلة ما بعد الاستقلال: «أثناء الاستقلال أكدت الطائفة اليهودية، برئاسة الدكتور بنزاكين، لصاحب الجلالة محمد الخامس أنهم يسخرون جميع طاقاتهم لتنمية الوطن، ولكن مع الأسف تعرض هذا العزم لنكسة منذ ماي 1960، كما أن الحركة الصهيونية في هذه الفترة عرفت أنشطة مكثفة وجادة ومتميزة في مختلف الأقطار العربية، ما أدى باليهود المغاربة إلى الهجرة من أجل التنعم بجنة إسرائيل».

في حرب 1973، ستعود الدعاية الصهيونية لتنشط بالمغرب، لكن من مصادر خارجية، حيث خلق جو من الرعب داخل الأوساط اليهودية المغربية، وقد حاولت بعض الجهات الصهيونية ترويع المغاربة اليهود، وإيهامهم بأن المسلمين سيضطهدونهم ويعتدون عليهم، وكانت هجرة أخرى، لكنها لم تركز بشكل كبير على إسرائيل، حسب الباحث زكرياء العزوزي.

مباشرة بعد حرب أكتوبر سنة 1973، تلك الحرب التي أرعبت قيادة إسرائيل وأحدثت رجة اجتماعية وسياسية كبيرة هناك، نشرت الصحافة الإسرائيلية والأمريكية تقارير تفيد بأن معظم المغاربة اليهود داخل إسرائيل يعيشون في ظل ظروف اقتصادية صعبة أدت إلى مجاهرة الكثيرين منهم بفكرة العودة إلى المغرب، خصوصا مع وجود عاملين أساسيين، أولا أن المغرب مازال يشكل أكبر تجمع لليهود في البلدان العربية، والعامل الثاني يتمثل في أن الجنسية المغربية لا تسقط لأي سبب كان. منظمة التحرير الفلسطينية ستحاول استغلال هذا الوضع، وسيطلب ياسر عرفات آنذاك من الملك الحسن الثاني أن يوجه نداء إلى المغاربة اليهود بالعودة إلى وطنهم، وبالرغم من أن الملك الحسن الثاني لم يوجه ذلك النداء بالنظر إلى السياقات المتوترة في الشارع العربي آنذاك، لكنه في مطلع الثمانينات سيطلب من رعاياه اليهود في إسرائيل الابتعاد عن تكتل الليكود المتطرف، وكان من بين أشهر زعمائه وزير الخارجية الأسبق ديفيد ليفي، وهو يهودي مغربي لايزال منزله قائما في حي السويقة بالرباط.

הירשם לבלוג באמצעות המייל

הזן את כתובת המייל שלך כדי להירשם לאתר ולקבל הודעות על פוסטים חדשים במייל.

הצטרפו ל 227 מנויים נוספים
אפריל 2024
א ב ג ד ה ו ש
 123456
78910111213
14151617181920
21222324252627
282930  

רשימת הנושאים באתר