طقوس العرس وشعائر الزواج عند يهود المغرب
طقوس العرس وشعائر الزواج عند يهود المغرب
- نشر بتاريخ الثلاثاء, 23 تشرين1/أكتوير 2012 12:29
- صلاة إلى اضغط على الرابط للأصل
- Priere de cliquer sur le lien de l'original
- كتب بواسطة: حياة
- http://likoulinissae.com/
رغم أن عادات الاحتفال بالزواج عند اليهود لها طقوسها الخاصة وخطواتها ومراحلها الخاصة أيضا، إلا أن تداخل الثقافتين اليهودية والمغربية جعل للعرس اليهودي بالمغرب ملامحا متميزة متحت من الثقافتين معا، فكانت النتيجة احتفالية ذات خصوصية.
الخطوبة
تبدأ مراسيم الزواج عند يهود المغرب بإثبات شرعيته بدء بـ «الشيدوخيم»، أي طلب الزواج بإقامة حفل لَمْلاك أو الرْشيم يقدم فيه الخطيب إلى خطيبته مجموعة من الهدايا يلتزم بها ويتعهد عبرها بالزواج من خطيبته، وتكون الهدايا المقدمة عبارة عن «شَرَتْلَة» أو «سرتلة» وهي سبعة أساور من الذهب رمز الأسبوع وخاتما يحمل جوهرة و«سَبْنيَّة» من الحرير، بالإضافة إلى صينية الخطوبة التي تحتوي على خمسة قوالب من السكر، والحناء والعطور والحلويات والفواكه الجافة.
وقد كان من عادة المجتمع اليهودي المغربي أن يختار أو يعين الآباء لأبنائهم زوجاتهم، وعلى الشاب أن يكون طائعا لاختيار أسرته حتى لو كانت رغبته غير ذلك، أما البنت فلا تطلب مشورتها أو رأيها، وما عليها إلا أن تخضع راغبة أو مكرهة إلى رغبة الوالدين.
يتقدم أب الشاب إلى والد الفتاة طالبا يدها لابنه، وإذا كانت العائلتان تتعارفان، وهذا ما يكون في الغالب، تسند هذه المهمة إلى شخص محترف وهو الخاطب أو الخاطبة.
يمنع الخطيبين من أن يلتقيا أثناء الخطوبة، وألاّ يرى أحدها الآخر، ولا ينبغي للبنت بأي حجة أن تظهر في الشارع، فيما تتشارك العائلتان في تحضير العرس من جهاز العروس وتوفير وتخزين كميات هامة من الحلويات والمربى.
طقوس العرس وشعائر الزواج
ليهود المغرب طقوس خاصة وشعائر محددة في العرس أو الزفاف، يمتزج فيها المتخيل الاجتماعي المغربي مع كل ماهو ديني عقائدي نابع من الكتاب المقدس التوراة، وأغلب هذه الطقوس تتقاطع مع المتخيل الإسلامي المغربي، إن لم نقل أن الكثير منها ذو أصل يهودي. غالبا ما تجرى طقوس العرس على إيقاع من الأهازيج طيلة الأسبوع بشكل متتابع، ليبلغ أوج المتعة يوم الأربعاء وهو يوم البركات السبع بإقامة شعيرة ألف عملية وعملية، ليعلن عن استمرار العرس وامتداده لفترة قد تدوم ثلاثة أو أربعة أسابيع، وأقل ما تستغرقه ثمانية أيام، تتنوع طقوسها وحفلاتها حسب الإمكانيات المادية للعائلة وتباهيها أمام العائلات الأخريات.
وتجدر الإشارة أنه باستثناء إجراء عقد الزواج «الكُتُباه» و «القدوشين» أي المباركة، فإننا نجد أنفسنا أمام مجموعة من الطقوس والعادات والأعراف، وهي مجموعة من أشكال الشعائر تكتسي طابعا مقدسا أو رمزيا، كما لا تخلوا من ممارسات سحرية حيث يتمثل المتخيل الاجتماعي المغربي بكل مكوناته بعيدا عن الأصول الدينية رهبة من عالم تحكمه أسرار الجن والقوى الخارقة، باعتبار فترة الزواج من أخطر مراحل الحياة وأصعبها، وينظر إلى الزوجين على أنهما قابلان ومعرضان للأذى ومهددان بكل أنواع الشرور، وكل العمليات السحرية كـ «التْقاف» و «الرْباط» ويهدف هذا النوع من السحر «الثْقاف» إلى خلق حالة من العجز الجنسي ومنع الاتصال الجنسي، وعليه ينبغي أخذ الحيطة والحذر بحماية الزوجين بالتعاويذ والتمائم و «الشيميروت»، أي كتابات سحرية، بالإضافة إلى تمائم سحرية خاصة بجلب السعادة والبركة والنجاح للزوجين.
غالبا ما يرافق طقوس العرس موسيقى وأغاني ورقص مما يقوي طابع السحر فيها، وتختلف الأنماط الموسيقية المستعملة في العرس حسب المنطقة التي ينحدر منها الزوجان إما بربرية أو فاسية، تطوانية أو مدينة أخرى… لتمتزج بذلك الأنغام والقصائد الدنيوية مع القصائد والموسيقى الدينية خصوصا «البيوطيم» وهي قصائد مكتوبة بالعبرية، وقد أصبحت جزء مهما من طقوس الاحتفال بالزواج، وتغنى في البيعة أو أثناء القداس الذي يقام في بيت العروسين الجديدين.
تفاصيل الاحتفال
تبدأ الاحتفالات في السبت الثاني السابق ليوم الزواج الحقيقي، والذي يتم في اليوم الأربعاء، ويسمى هذا السبت بسبت الرْشيمْ أي الإشهار وفي هذا اليوم يعين العريس «مولاي السلطان» أو «اسلي» بالأمازيغية وزراءه ويسمى بالعبرية «باحوريم» أو «لَعْزَارى» بالدارجة المغربية.
في الخميس التالي، وهو يوم «ازموميغ» وهو احتفال تكسر أثنائه بيضة على رأس الخطيبة، حيث يسيل السائل على الشعر المنسدل وتبلل الحاضرات أيديهن واحدة بعد الأخرى، في «زْلافة» من الحنة، ويضعن عجين الحناء على رأس العروس، حيث يشد الشعر فيما بعد بقماش من القطن الذي ينبغي أن يحتفظ به كما هو، إلى غاية يوم الثلاثاء وهو يوم الحمام والحنة. ويسمى عادة يوم السبت التالي بـ «سبت إيسلان» أي سبت مولاي السلطان ووزرائه، وهو يوم يتميز باجتماع العروسين وأصدقائهم العزاب. ويتميز كذلك «إيسلان» بتقديم هدية نقدية تقدمها العائلة والأصدقاء لآباء الخطيب، ويسمى أحيانا هذا السبت بسبت الرأي أي سبت تداول المشورة.
ويتم يوم الإثنين التالي آداء اليمين ويسمى نهار «شيفونعا» أو نهار «فينيان»، وهو التملك الشرعي، عقد التملك ويحرر عقد النكاح ويصادق عليه قبل حفلة الزواج، والعقد عبارة عن تعاقد رسمي يقوم به «الوفر» أي العادل، وهو الذي يمثل السلطة الربية وتشتمل «الكُتوبة» عقد النكاح «قنيان شطار» و«قنيان سودار» في آن واحد. الوجه الأول هو التملك بعقد عدلي «شطار»، وهو الوثيقة التي يسلمها الخطيب بيده لخطيبته، ويحتفظ بها الآباء بعناية فائقة. ويلتزم المعنيان في نفس الوقت بـ «قنيان سودار» أي العقد الرمزي للتملك، إذ يعلن الخطيبان عن قبولهما للشروط المسجلة في «الكتوبة»، وهما ماسكان لمنديل «سودار» يبسطه لهما العادل، ويجسد هذا الإمساك اتحادهما. ويضاف إلى هذه العملية الرمزية، رموز أخرى، كما أنه يمكن تغييرها بغيرها حسب المناطق، ففي فاس مثلا يلف الخطيب ثوبا أبيضا حوله سبع مرات وهو نفس الثوب الذي حملته الخطيبة فوق رأسها عشية اليوم المسمى بنهار الطرف الأبيض.
ويكون احتفال تقديم اليمين مصحوبا بالذبيحة، وتقدم بقرة «بلدية» في موكب كبير داخل صحن الدار، وتكون مزينة بحلي النساء و«سَبْنيّة» وورود ويقوم «الشوحيط»، وهو المكلف الرسمي بذبح البقرة ذبحا شرعيا، ليطهي لحمها ويقدم للضيوف.
حَمّام العروس
يمثل حَمّام العروس بالنسبة لليهود المغاربة شعيرة رئيسية للطهارة، ويكون يوم الثلاثاء بعد الزوال، في حمام الحُومة أو الملاح، ويرافق حمام العروس مجموعة من الطقوس الخاصة والممارسات السحرية، لحماية العروس من الشياطين والحاسدين والحاقدين على سعادتها.
ترمي جدة العروس أو النساء الأكبر سنا المصاحبات للعروس هدية أو قربانا للجن والشياطين في الصهريج أو بَرمة لحمّام، يكون عبارة عن طبق من المربى، وكأس من الخمر ومشط وبعض من شعر العروس المخضب بالحناء.
تغسل النساء شعر العروس ورأسها مع حرصها على جمع كل ما يتساقط منه من حناء وفضلات البيض، ليخلط بعدها بالسكر والقمح، ويوضع في قطعة قماش أو سُرّة من القماش ويوضع في فراش الزوجية.
بعد نهاية حَمَّام العروس تنشد النساء المصاحبات لها، المقطوعة التالية التي تغنى بعد خروجها من الحمام:
سعدي يا سعدي
آش إلو عندي
واش حاجتو بي
ولا يسالني عل راسي
قلو لمَّ فاسية
ول يسالني عل شعري
قلو مدزة احريرية
آه يانا يا لالا وو مالي
خدك ورده كاس بلار
معمر بلحليب وو نسمه فيه
آه يانا تستاهل ديك ارجيله
رحيه خضرا وو خلخال جديد.
وبمجرد ما تعود العروس من الحمام، يمشط شعرها وتغير ملابسها، وتتزين وتتعطر، وتتحلى بالجواهر الثقيلة من الفضة والذهب، لتكون مستعدة للاحتفال الكبير، المسمى حفل الحناء الذي يتم عشية يوم الثلاثاء، أي ليلة الحنة أو الليلة لكبيرة.
وتبدأ مراسيم احتفال العرس يوم الأربعاء بالبركات السبع، يتلى خلالها عقد النكاح جهرا. لتلتحق الزوجة ببيت الزوجية في نفس اليوم. ولكي لايكون الزواج لاغيا لابد أن يتم الاحتفال بحضور عشرة أفراد من الذكور البالغين «المنيان»، و«المنيان» هو اكتمال النصاب، أي عشرة بالغين، يشترط وجودهم أثناء عقد الزواج، ويلزم أن يكون من بينهم حبر وقاض، أو أحد أعضاء مجلس الطائفة.
كسوة لعروسة
وبعد حمّام التطهير «طبيلة»، وبعد القيام بشعيرة خاصة يقودها أحد المغنيين، يرتدي العريس كسوة الاحتفال وهي عبارة عن «جابادور» وسروال بلدي و«بدعية» مطرزة بأزرار من الحرير وسترة طويلة «زوخا» مشدودة على الخصر بحزام من الحرير.
تستوي العروس على كرسي الزوجية المسمى «تالامون» وهذا العرف حمله «الموكوراشيم»، أي اليهود المهجرين من الأندلس، وتكون معطرة ومزينة بالذهب والأحجار الكريمة، متألقة في كسوتها البهية ويسمي اليهود هذه الكسوة الفاخرة «الكسوة لكبيرة»، والتي تتكون من صدرية مخملية مطرزة بالذهب وصدار مخملي أحمر رماني أو أخضر مزين بشارات مذهبة، وأزرار فضية «الخونباج»، وتنورة مخملية من نفس اللون «زلطيطا»، مزخرفة بأزرار مذهبة، حيث تختفي بداخلها عدد من الصايات، وحزام عريض ومقوى من المخمل المطرز بالذهب واللؤلؤ حزام أو مضمة، وأكمام واسعة من الحرير المطرز وشمار، وإكليل مطرز بالجواهر وقطع من الذهب، و«شربيل»…
طقوس الكتوبة والليلة الأولى
يكتب عقد الزواج «الكتوبة» على ورقة خاصة يزخرفها فنان مختص، وهي صورة من صور الفن اليهودي، ويقرأها حبر، أو أحد المتأدبين من العائلة جهرا، ويتلو البركات السبع شخص آخر، ويشرب العريس الخمر المبارك، ويقدم للعروسة لتشرب منه أيضا، ويكسر الكأس من أجل التذكير بخراب هيكل القدس، وينتقل فيما بعد لإجراء الشعيرة الدائرية «الهاقافوت» والتي تتضمن القيام بسبع دورات في صحن الدار، تم تحمل العروس في موكب إلى مسكنها الجديد لتقضي فيه الليلة الاولى والتي تسمى ليلة الراحة، ويصوم العريس ولا يفطر. إلا في المساء حيث يتناول وجبة شعائرية يتقاسمها مع زوجته، حضرت خصيصا لهما تتضمن حماما معمر بللوز والزبيب.
وفي اليوم الموالي يوم الصبيحة وهو مصطلح يعني كذلك الثوب الملطخ بالدم، وهو يوم مهم جدا حيث يكشف فيه عن عذرية و طهارة العروس وعفتها، وتطلق لفضة الصباح على هدية العرس النقدية، الهدية التي يتلقاها العروسان من الأصدقاء والآباء الأقربين والأبعدين، تستمر مراسيم العرس، وهي دائما مصحوبة بالاحتفالات في الأيام التالية: سبت العروس ونهار الربطة، وفيه يشد الرجل المرأة بالحزام المضمة، ويطأ على قدمها، ويوم الأربعاء نهار الحوت واليوم السابع للعرس، يمثل يوم الخروج الأول للعريس، حيث يذهب إلى الحدائق المجاورة بعد صلاة الصبح، مع جوقة من فتيان الشرف وعائلته وأصدقائه، إلا أن مساء هذا اليوم يتميز بطقس له دلالة كبرى، إذ فيه تقدم للعروسين سمكتان ومن ينتهي من أكلها قبل الآخر، هو الذي يفرض إرادته في تدبير شؤون المنزل، ويعرض فتيان الشرف في سبت الندامة مسرحية درامية، يسخرون بها من الزواج.
يتم إعلان نهاية العرس ومراسيمه بـ «تونابودا» وتعني عودة العرس بأول حمام شعائري، تقوم به الزوجة بعد الزواج ليسدل الستار على فترة الأفراح والعرس.