أبو حصيرة-تاريخ حاخامات مغاربة يهودي-
أبو حصيرة
أبو حصيرة (1805 ـ 1880) هو يعقوب بن مسعود حاخام يهودي من أصل مغربي، عاش في القرن التاسع عشر، ينتمي إلى عائلة يهودية كبيرة اسمها عائلة الباز هاجر بعض افرادها إلى مصر ودول أخرى وبقي بعضهم في المغرب على مر العصور، ويعتقد عدد من اليهود أنها شخصية "مباركة". ويقام له مقام يهودي في قرية "دميتوه" في محافظة البحيرة الحالية شمال غربالقاهرة في مصر وقد أوقفت له زيارات ضريحه. ولد يعقوب بن مسعود "أبو حصيرة" في جنوب المغرب، حيث تذكر رواية شعبية يهودية أنه غادر المغرب لزيارة أماكن مقدسة في فلسطين إلا أن سفينته غرقت في البحر، وظل متعلقا بحصيرة قادته إلى سوريا ثم توجه منها إلى فلسطين وبعد زيارتها غادرها متوجها إلى المغرب عبر مصر وتحديدا إلى دميتوه في دمنهورليدفن في القرية في 1880 بعد أن أوصى بدفنه هناك.
مُولِد أبو حصيرة
كان يُقام مولد أبو حصيرة في الفترة بين 26 ديسمبر و2 يناير من كل عام في معبد يهودي في قرية ديمتيوه بمحافظة البحيرة شمال القاهرة. وكان يحجّ إليه آلاف اليهود خصوصا من المغرب وفرنسا وإسرائيل. والثابت تاريخياً أن الطائفة اليهودية المصرية كانت تحتفل بهذا المولد قبل العام 1945.[بحاجة لمصدر] تم الاتفاق على تحويل المقبرة إلى ضريح بقرار من وزير الثقافة الأسبق في يناير 2001 وبموافقة مديرية البحيرةعام 2001، وتم تسجيله مع المقابر اليهودية حوله ضمن الآثار اليهودية كموقع ديني في هيئة الآثار المصرية. حصلت عمليات شراء أراضي مشبوهة حول المقبرة لإقامة الضريح وتشييد سور حوله، وجمعت التبرعات من أثرياء يهود.. وبعد توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر و"إسرائيل" عام 1979 طالب اليهود بتنظيم رحلات رسمية للاحتفال بالمولد الذي يستمر أسبوعا. وتم السماح لليهود المحتفلين بالمولد بزيارة الضريح بشكل سنوي وبتنسيق مع سلطات الأمن المصرية. ولكن القضاء الإداري في مصر قام بتاريخ 29/12/2014 بإلغاء مولد أبو حصيرة نهائيا وعدم اعتباره أثرا تاريخيا بل إنسانياً وإلغائه من سجل الآثار. وألزم القرار كذلك الإبلاغ بشطبه من اللجنة الدولية الحكومية ولجنة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو. أثار هذا القرار غبطة الشعب المصري الذي أقام احتفالات وهتف الشعب مندداً بإسرائيل وأعلنت بعض الأحزاب السياسية ترحيبها بالقرار. وصرحت إسرائيل من خلال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية إيمانويل نحشون إن المكتب يدرس حيثيات القرار وأنهم يعتزمون مناقشته مع السلطات المصرية للتأكيد على حرية العبادة.
طقوس الاحتفالات
يتم فيها تأدية طقوس دينية يهودية مع تناول الفاكهة المجففة وزبدة وفطير، وأسلوب الاحتفال يشمل الجلوس عند المقبرة والبكاء وتلاوة أدعية دينية يهودية وذبح الأضحيات عند الضريح وذلك حسب الشريعة اليهودية. رفضت جهات وتيارات في مصر من بينها نواب من البرلمان المصري إقامة مولد أبو حصيرة سنويا في القرية. واعتبر ضريح أبو حصيرة بما فيه القبر والتل المقام عليه الذي أقيم عام 1880 حاليا، من بين الآثار اليهودية في مصر وسُجل كأثر ديني في هيئة الآثار المصرية التابعةوزارة الثقافة المصرية، ليخضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، حيث تم التعامل معه كأثر مصري.
تبين لاحقا أن الأرض لا تزال ملك للدولة أثناء نظر المحكمة الإدارية بالاسكندرية للقضية المرفوعة عام 2001 والتي حكم فيها بإلغاء الاحتفال ومنع اليهود من إقامة الاحتفال، وتم تأييد الحكم عام 2004 من المحكمة الإدارية العليا بالاسكندرية وإلغاء قرار وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني بضم المقبرة للآثار وعدم اعتباره أثراً بل مقابر عامة كانت مقامة لليهود مثل مقابر الصدقة للمسلمين والمقابر العامة للمسيحين وبعد خروج اليهود من مصر بعد ثورة يوليو لم تعد تستخدم. قدم محامي القضية مصطفى رسلان وثيقة أثبت فيها أن أبو حصيرة هو رجل مسلم واسمه محمد بن يوسف وينتهي نسبه إلى طارق بن زياد. واقترح المحامي نقل رفاة أبو حصيرة إلى الكيان الصهيوني بعدما صار مسمار جحا الذي ياذرع به اليهود لدخول مصروسيناء
الهيلولة.. حج اليهود على أرض المغرب
الهيلولة.. حج اليهود على أرض المغرب
الهيلولة موسم تبرك اليهود المغاربة في تارودانت
|
طقوس العرس وشعائر الزواج عند يهود المغرب
طقوس العرس وشعائر الزواج عند يهود المغرب
- نشر بتاريخ الثلاثاء, 23 تشرين1/أكتوير 2012 12:29
- صلاة إلى اضغط على الرابط للأصل
- Priere de cliquer sur le lien de l'original
- كتب بواسطة: حياة
- http://likoulinissae.com/
رغم أن عادات الاحتفال بالزواج عند اليهود لها طقوسها الخاصة وخطواتها ومراحلها الخاصة أيضا، إلا أن تداخل الثقافتين اليهودية والمغربية جعل للعرس اليهودي بالمغرب ملامحا متميزة متحت من الثقافتين معا، فكانت النتيجة احتفالية ذات خصوصية.
الخطوبة
تبدأ مراسيم الزواج عند يهود المغرب بإثبات شرعيته بدء بـ «الشيدوخيم»، أي طلب الزواج بإقامة حفل لَمْلاك أو الرْشيم يقدم فيه الخطيب إلى خطيبته مجموعة من الهدايا يلتزم بها ويتعهد عبرها بالزواج من خطيبته، وتكون الهدايا المقدمة عبارة عن «شَرَتْلَة» أو «سرتلة» وهي سبعة أساور من الذهب رمز الأسبوع وخاتما يحمل جوهرة و«سَبْنيَّة» من الحرير، بالإضافة إلى صينية الخطوبة التي تحتوي على خمسة قوالب من السكر، والحناء والعطور والحلويات والفواكه الجافة.
وقد كان من عادة المجتمع اليهودي المغربي أن يختار أو يعين الآباء لأبنائهم زوجاتهم، وعلى الشاب أن يكون طائعا لاختيار أسرته حتى لو كانت رغبته غير ذلك، أما البنت فلا تطلب مشورتها أو رأيها، وما عليها إلا أن تخضع راغبة أو مكرهة إلى رغبة الوالدين.
يتقدم أب الشاب إلى والد الفتاة طالبا يدها لابنه، وإذا كانت العائلتان تتعارفان، وهذا ما يكون في الغالب، تسند هذه المهمة إلى شخص محترف وهو الخاطب أو الخاطبة.
يمنع الخطيبين من أن يلتقيا أثناء الخطوبة، وألاّ يرى أحدها الآخر، ولا ينبغي للبنت بأي حجة أن تظهر في الشارع، فيما تتشارك العائلتان في تحضير العرس من جهاز العروس وتوفير وتخزين كميات هامة من الحلويات والمربى.
طقوس العرس وشعائر الزواج
ليهود المغرب طقوس خاصة وشعائر محددة في العرس أو الزفاف، يمتزج فيها المتخيل الاجتماعي المغربي مع كل ماهو ديني عقائدي نابع من الكتاب المقدس التوراة، وأغلب هذه الطقوس تتقاطع مع المتخيل الإسلامي المغربي، إن لم نقل أن الكثير منها ذو أصل يهودي. غالبا ما تجرى طقوس العرس على إيقاع من الأهازيج طيلة الأسبوع بشكل متتابع، ليبلغ أوج المتعة يوم الأربعاء وهو يوم البركات السبع بإقامة شعيرة ألف عملية وعملية، ليعلن عن استمرار العرس وامتداده لفترة قد تدوم ثلاثة أو أربعة أسابيع، وأقل ما تستغرقه ثمانية أيام، تتنوع طقوسها وحفلاتها حسب الإمكانيات المادية للعائلة وتباهيها أمام العائلات الأخريات.
وتجدر الإشارة أنه باستثناء إجراء عقد الزواج «الكُتُباه» و «القدوشين» أي المباركة، فإننا نجد أنفسنا أمام مجموعة من الطقوس والعادات والأعراف، وهي مجموعة من أشكال الشعائر تكتسي طابعا مقدسا أو رمزيا، كما لا تخلوا من ممارسات سحرية حيث يتمثل المتخيل الاجتماعي المغربي بكل مكوناته بعيدا عن الأصول الدينية رهبة من عالم تحكمه أسرار الجن والقوى الخارقة، باعتبار فترة الزواج من أخطر مراحل الحياة وأصعبها، وينظر إلى الزوجين على أنهما قابلان ومعرضان للأذى ومهددان بكل أنواع الشرور، وكل العمليات السحرية كـ «التْقاف» و «الرْباط» ويهدف هذا النوع من السحر «الثْقاف» إلى خلق حالة من العجز الجنسي ومنع الاتصال الجنسي، وعليه ينبغي أخذ الحيطة والحذر بحماية الزوجين بالتعاويذ والتمائم و «الشيميروت»، أي كتابات سحرية، بالإضافة إلى تمائم سحرية خاصة بجلب السعادة والبركة والنجاح للزوجين.
غالبا ما يرافق طقوس العرس موسيقى وأغاني ورقص مما يقوي طابع السحر فيها، وتختلف الأنماط الموسيقية المستعملة في العرس حسب المنطقة التي ينحدر منها الزوجان إما بربرية أو فاسية، تطوانية أو مدينة أخرى… لتمتزج بذلك الأنغام والقصائد الدنيوية مع القصائد والموسيقى الدينية خصوصا «البيوطيم» وهي قصائد مكتوبة بالعبرية، وقد أصبحت جزء مهما من طقوس الاحتفال بالزواج، وتغنى في البيعة أو أثناء القداس الذي يقام في بيت العروسين الجديدين.
تفاصيل الاحتفال
تبدأ الاحتفالات في السبت الثاني السابق ليوم الزواج الحقيقي، والذي يتم في اليوم الأربعاء، ويسمى هذا السبت بسبت الرْشيمْ أي الإشهار وفي هذا اليوم يعين العريس «مولاي السلطان» أو «اسلي» بالأمازيغية وزراءه ويسمى بالعبرية «باحوريم» أو «لَعْزَارى» بالدارجة المغربية.
في الخميس التالي، وهو يوم «ازموميغ» وهو احتفال تكسر أثنائه بيضة على رأس الخطيبة، حيث يسيل السائل على الشعر المنسدل وتبلل الحاضرات أيديهن واحدة بعد الأخرى، في «زْلافة» من الحنة، ويضعن عجين الحناء على رأس العروس، حيث يشد الشعر فيما بعد بقماش من القطن الذي ينبغي أن يحتفظ به كما هو، إلى غاية يوم الثلاثاء وهو يوم الحمام والحنة. ويسمى عادة يوم السبت التالي بـ «سبت إيسلان» أي سبت مولاي السلطان ووزرائه، وهو يوم يتميز باجتماع العروسين وأصدقائهم العزاب. ويتميز كذلك «إيسلان» بتقديم هدية نقدية تقدمها العائلة والأصدقاء لآباء الخطيب، ويسمى أحيانا هذا السبت بسبت الرأي أي سبت تداول المشورة.
ويتم يوم الإثنين التالي آداء اليمين ويسمى نهار «شيفونعا» أو نهار «فينيان»، وهو التملك الشرعي، عقد التملك ويحرر عقد النكاح ويصادق عليه قبل حفلة الزواج، والعقد عبارة عن تعاقد رسمي يقوم به «الوفر» أي العادل، وهو الذي يمثل السلطة الربية وتشتمل «الكُتوبة» عقد النكاح «قنيان شطار» و«قنيان سودار» في آن واحد. الوجه الأول هو التملك بعقد عدلي «شطار»، وهو الوثيقة التي يسلمها الخطيب بيده لخطيبته، ويحتفظ بها الآباء بعناية فائقة. ويلتزم المعنيان في نفس الوقت بـ «قنيان سودار» أي العقد الرمزي للتملك، إذ يعلن الخطيبان عن قبولهما للشروط المسجلة في «الكتوبة»، وهما ماسكان لمنديل «سودار» يبسطه لهما العادل، ويجسد هذا الإمساك اتحادهما. ويضاف إلى هذه العملية الرمزية، رموز أخرى، كما أنه يمكن تغييرها بغيرها حسب المناطق، ففي فاس مثلا يلف الخطيب ثوبا أبيضا حوله سبع مرات وهو نفس الثوب الذي حملته الخطيبة فوق رأسها عشية اليوم المسمى بنهار الطرف الأبيض.
ويكون احتفال تقديم اليمين مصحوبا بالذبيحة، وتقدم بقرة «بلدية» في موكب كبير داخل صحن الدار، وتكون مزينة بحلي النساء و«سَبْنيّة» وورود ويقوم «الشوحيط»، وهو المكلف الرسمي بذبح البقرة ذبحا شرعيا، ليطهي لحمها ويقدم للضيوف.
حَمّام العروس
يمثل حَمّام العروس بالنسبة لليهود المغاربة شعيرة رئيسية للطهارة، ويكون يوم الثلاثاء بعد الزوال، في حمام الحُومة أو الملاح، ويرافق حمام العروس مجموعة من الطقوس الخاصة والممارسات السحرية، لحماية العروس من الشياطين والحاسدين والحاقدين على سعادتها.
ترمي جدة العروس أو النساء الأكبر سنا المصاحبات للعروس هدية أو قربانا للجن والشياطين في الصهريج أو بَرمة لحمّام، يكون عبارة عن طبق من المربى، وكأس من الخمر ومشط وبعض من شعر العروس المخضب بالحناء.
تغسل النساء شعر العروس ورأسها مع حرصها على جمع كل ما يتساقط منه من حناء وفضلات البيض، ليخلط بعدها بالسكر والقمح، ويوضع في قطعة قماش أو سُرّة من القماش ويوضع في فراش الزوجية.
بعد نهاية حَمَّام العروس تنشد النساء المصاحبات لها، المقطوعة التالية التي تغنى بعد خروجها من الحمام:
سعدي يا سعدي
آش إلو عندي
واش حاجتو بي
ولا يسالني عل راسي
قلو لمَّ فاسية
ول يسالني عل شعري
قلو مدزة احريرية
آه يانا يا لالا وو مالي
خدك ورده كاس بلار
معمر بلحليب وو نسمه فيه
آه يانا تستاهل ديك ارجيله
رحيه خضرا وو خلخال جديد.
وبمجرد ما تعود العروس من الحمام، يمشط شعرها وتغير ملابسها، وتتزين وتتعطر، وتتحلى بالجواهر الثقيلة من الفضة والذهب، لتكون مستعدة للاحتفال الكبير، المسمى حفل الحناء الذي يتم عشية يوم الثلاثاء، أي ليلة الحنة أو الليلة لكبيرة.
وتبدأ مراسيم احتفال العرس يوم الأربعاء بالبركات السبع، يتلى خلالها عقد النكاح جهرا. لتلتحق الزوجة ببيت الزوجية في نفس اليوم. ولكي لايكون الزواج لاغيا لابد أن يتم الاحتفال بحضور عشرة أفراد من الذكور البالغين «المنيان»، و«المنيان» هو اكتمال النصاب، أي عشرة بالغين، يشترط وجودهم أثناء عقد الزواج، ويلزم أن يكون من بينهم حبر وقاض، أو أحد أعضاء مجلس الطائفة.
كسوة لعروسة
وبعد حمّام التطهير «طبيلة»، وبعد القيام بشعيرة خاصة يقودها أحد المغنيين، يرتدي العريس كسوة الاحتفال وهي عبارة عن «جابادور» وسروال بلدي و«بدعية» مطرزة بأزرار من الحرير وسترة طويلة «زوخا» مشدودة على الخصر بحزام من الحرير.
تستوي العروس على كرسي الزوجية المسمى «تالامون» وهذا العرف حمله «الموكوراشيم»، أي اليهود المهجرين من الأندلس، وتكون معطرة ومزينة بالذهب والأحجار الكريمة، متألقة في كسوتها البهية ويسمي اليهود هذه الكسوة الفاخرة «الكسوة لكبيرة»، والتي تتكون من صدرية مخملية مطرزة بالذهب وصدار مخملي أحمر رماني أو أخضر مزين بشارات مذهبة، وأزرار فضية «الخونباج»، وتنورة مخملية من نفس اللون «زلطيطا»، مزخرفة بأزرار مذهبة، حيث تختفي بداخلها عدد من الصايات، وحزام عريض ومقوى من المخمل المطرز بالذهب واللؤلؤ حزام أو مضمة، وأكمام واسعة من الحرير المطرز وشمار، وإكليل مطرز بالجواهر وقطع من الذهب، و«شربيل»…
طقوس الكتوبة والليلة الأولى
يكتب عقد الزواج «الكتوبة» على ورقة خاصة يزخرفها فنان مختص، وهي صورة من صور الفن اليهودي، ويقرأها حبر، أو أحد المتأدبين من العائلة جهرا، ويتلو البركات السبع شخص آخر، ويشرب العريس الخمر المبارك، ويقدم للعروسة لتشرب منه أيضا، ويكسر الكأس من أجل التذكير بخراب هيكل القدس، وينتقل فيما بعد لإجراء الشعيرة الدائرية «الهاقافوت» والتي تتضمن القيام بسبع دورات في صحن الدار، تم تحمل العروس في موكب إلى مسكنها الجديد لتقضي فيه الليلة الاولى والتي تسمى ليلة الراحة، ويصوم العريس ولا يفطر. إلا في المساء حيث يتناول وجبة شعائرية يتقاسمها مع زوجته، حضرت خصيصا لهما تتضمن حماما معمر بللوز والزبيب.
وفي اليوم الموالي يوم الصبيحة وهو مصطلح يعني كذلك الثوب الملطخ بالدم، وهو يوم مهم جدا حيث يكشف فيه عن عذرية و طهارة العروس وعفتها، وتطلق لفضة الصباح على هدية العرس النقدية، الهدية التي يتلقاها العروسان من الأصدقاء والآباء الأقربين والأبعدين، تستمر مراسيم العرس، وهي دائما مصحوبة بالاحتفالات في الأيام التالية: سبت العروس ونهار الربطة، وفيه يشد الرجل المرأة بالحزام المضمة، ويطأ على قدمها، ويوم الأربعاء نهار الحوت واليوم السابع للعرس، يمثل يوم الخروج الأول للعريس، حيث يذهب إلى الحدائق المجاورة بعد صلاة الصبح، مع جوقة من فتيان الشرف وعائلته وأصدقائه، إلا أن مساء هذا اليوم يتميز بطقس له دلالة كبرى، إذ فيه تقدم للعروسين سمكتان ومن ينتهي من أكلها قبل الآخر، هو الذي يفرض إرادته في تدبير شؤون المنزل، ويعرض فتيان الشرف في سبت الندامة مسرحية درامية، يسخرون بها من الزواج.
يتم إعلان نهاية العرس ومراسيمه بـ «تونابودا» وتعني عودة العرس بأول حمام شعائري، تقوم به الزوجة بعد الزواج ليسدل الستار على فترة الأفراح والعرس.
عيد المساخر- بوريم
عيد المساخر- بوريم
يحتفل بعيد المساخر (بوريم), الذي يعتبر العيد اليهودي الأكثر حيوية وشعبية, هذه السنة, ما بين غروب الشمس يوم الأربعاء, 7 آذار مارس وغروب الشمس يوم الخميس, 8 آذار مارس, في معظم دولة إسرائيل, باستثناء أورشليم القدس وبعض المدن الأخرى حيث يحتفل بعيد المساخر من غروب الشمس يوم الخميس 8 آذار مارس وحتى غروب الشمس يوم الجمعة 9 آذار مارس. وأصبح عيد المساخر, الذي يحتفل به بذكر خلاص اليهود وإفشال مؤامرة هامان بإبادتهم, رمزًا لانتصار الشعب اليهودي على حكم طغيان لاسامي. فلذلك يتسم عيد المساخر بالمرح ويكون مثل عيد كرنفال.
خلفية عيد المساخر
يخلد عيد المساخر الأحداث التي يتم وصفها في سفر إستير. وفي الآية 8 من الأصحاح الثالث في سفر إستير يقول هامان اللاسامي, كبير الوزراء في الإمبراطورية الفارسية, للملك الفارسي أحشويروش إنه "موجود شعب ما مشتت ومتفرق بين الشعوب في كل بلاد مملكتك, وسننهم مغايرة لجميع الشعوب, وهم لا يعملون سنن الملك, فلا يليق بالملك تركهم. فإذا حسن عند الملك, فليكتب أن يبادوا". وبذلك, قد ابتكر هامان أحد الافتراءات اللاسامية الأكثر شناعة وهو أن اليهود شعب متعصب غريب لا يراعون قوانين الدول التي يعيشون فيها. وبمبادرة هامان صدر أمر بذبح جميع اليهود في الإمبراطورية الفارسية, ولكنه يقال في سفر أستير بعد ذلك إن مؤامرة هامان أحبطت و"كان لليهود نور وفرح وبهجة وكرامة .. وولائم ويوم طيب". (أستير, 8 : 16-17)
وعلى مر السنين, أصبح عيد المساخر, الذي يحتفل به بذكر خلاص اليهود وإفشال مؤامرة الإبادة لهامان, رمزًا لانتصار الشعب اليهودي على حكم طغيان لاسامي. فلذلك يتسم عيد المساخر بالمرح ويكون مثل عيد كرنفال.
صوم إستير
في اليوم الذي يصادف قبل عيد المساخر بيوم واحد يحل يوم صوم يعرف ب-"صوم إستير", على ذكرى الصوم التي قد صمته أستير ومعها جميع أبناء الشعب اليهودي (سفر إستير 16:4) قبل أن طلبت الملكة إستير, وهي بطلة سفر إستير, من الملك أحشويروش إلغاء تنفيذ مؤامرة الإبادة لهامان. وسيمتد الصوم من الفجر, قبل شروق الشمس, حتى غروب الشمس. وتتلى صلوات خاصة وتتم قراءة نصوص من التوراة في نطاق الصلاة التي تقام في الكنيس.
عيد المساخر (بوريم)
بعد غروب الشمس تقام صلوات احتفالية في الكنس, حيث تتم كذلك تلاوة سفر إستير بصوت مرتفع. ومن التقاليد اليهودية, وخاصة ضمن الأطفال, أن يأتوا إلى الكنيس وهم يرتدون الأزياء التنكرية, وخلال تلاوة سفر إستير, كلما يرد ذكر اسم هامان, يقوم المصلون بإثارة الضوضاء, بأعلى صوت, على قدر المستطاع, بهدف محو اسمه, كما وعد الله تعالى (الخروج 14:17) ب-"محو ذكر" الشعب العماليقي, الذي كان هامان من ذريته. وتستعمل محدثات صوت خاصة بعيد المساخر (قرقعيات) لهذه الغاية. وتتم تلاوة سفر إستير مرة أخرى في نطاق صلاة الفجر في اليوم التالي. وتتضمن الصلوات وصلاة المائدة في عيد المساخر صلاة خاصة بمناسبة العيد.
وفي عيد المساخر, يفرض سفر إستير (22:9) على اليهود إرسال أنصبة (هدايا) من كل واحد إلى صاحبه, وعطايا خاصة للفقراء, وإقامة مأدبة احتفالية بعد ظهر العيد. ولهذه الغاية, يتسم هذا اليوم كذاك, بجمع التبرعات للأغراض الخيرية, وبزيارة الجيران والأصدقاء لإعطائهم سلالاً من أنواع الطعام, أهمها معجنات صغيرة مثلثة الشكل محشوة بالخشخاش (أو بحشوات أخرى) ومعروفة باسم "آذان هامان".
وفي المأدبة الاحتفالية هناك من يتبعون التقليد بأن يصبحوا سكارى إلى حد لا يتمكنون من التفرقة بين "بارك الله موردخاي" (ومردخاي هو عم إستير وبطل سفر إستير) و"لعن الله هامان".
شوشان بوريم
وفي أورشليم القدس, يحتفل بعيد المساخر بعد الاحتفال به في بقية العالم, بيوم واحد. وتؤجل جميع عادات عيد المساخر بيوم واحد. إن هذه العادة تعود إلى الحقيقة, أنه قد أعطي يوم إضافي لليهود الذين سكنوا في شوشان (وتسمى سوسا في أيامنا, وكانت إحدى عواصم الإمبراطورية الفارسية الأربع) للدفاع عن أنفسهم ضد أعدائهم. ويعرف اليوم الثاني هذا باسم "شوشان بوريم". ويذكر ذلك في سفر إستير نفسه (9 : 16-19). فإن اليهود الذين يسكنون في المدن المحاطة بسور (والتي حددتها الأوساط الحاخامية لاحقًا كمدن محاطة بسور من عهد دخول يشوع إلى أرض إسرائيل) يحتفلون بعيد المساخر يوم واحد بعد اليهود الذين يسكنون في مدن غير محاطة بسور. وهناك عدة مدن مثل هذه في إسرائيل حيث يحتفل بشوشان بوريم. وفي بعض المدن, حيث هناك شك بخصوص ذلك, يتلى سفر إستير في كلي اليومين.
وفي الكثير من الأماكن في إسرائيل تقام في عيد المساخر عروض خاصة, وأشهر هذه العروض يقام في تل أبيب. وستقام احتفالات ومهرجانات بمناسبة عيد المساخر في الكثير من رياض الأطفال, والمدارس, والكنس, والمدن.
إسرائيليون من أصل مغربي: نريد زيارة المغرب كمواطنين لا سياح
إسرائيليون من أصل مغربي: نريد زيارة المغرب كمواطنين لا سياح
http://www.radiosawa.com/a/248700.html
حملت بين يديها الدف، اتخذت مجلسها بين صويحباتها، وبدأت في الغناء بالأمازيغية، استرجعت في أغانيها طفولتها وشبابها في قريتها "تنغير"، تلك القرية النائية التائهة في جبال أطلس المغرب، والشاهدة لعقود على تعايش اليهود والمسلمين في المغرب قبل سنة 1948.
تتوقف حنا شمويان عن الغناء، تمسح دموعها، ثم تواصل الغناء، هذه المرة تسرد في أغانيها ألم الفراق، وعذاب اللقاء بوطن لا يعرفونه ويجهلهم، وطن أصبح اسمه إسرائيل بعد أن عاشوا لقرون على أرض اسمها المغرب.
هو واحد من المشاهد الأليمة التي حاول المخرج المغربي كمال هاشكار تجسيدها في شريطه الوثائقي "من تنغير إلى القدس…أصداء الملاح"، أول عمل فني يحاول مد جسور التواصل بين المغرب ومواطنيه اليهود الذين رحلوا ذات يوم إلى إسرائيل.
في الفيلم، تتحدث حنا عن حلمها بالعودة للمغرب، والتلحف بسماء هذا البلد الذي لا تزال تعتبره وطنها الأم، لكن الموت كان أسرع من تحقيق ما تسميه "حلم العودة"… حلم يصر عليه مغاربة يهود هاجروا إلى إسرائيل، رغم أن بعضهم هاجر إليها منذ 66 عاما.
ألم الرحيل
وفق إحصاء قامت به حكومة فيشي الفرنسية، فقد بلغ عدد اليهود فيما كان يسمى شمال إفريقيا الفرنسية والتي كانت تضم المغرب والجزائر وتونس 400 ألف، نصفهم كان يقيم بالمغرب.
في 1948، تاريخ قيام دولة إسرائيل، سيبدأ يهود المغرب في الرحيل عن وطنهم الأم فيما يعرف بـ"الهجرة الكبرى"، بعضهم اختار التوجه إلى كندا وفرنسا، في حين لم يجد الآخرون إلا إسرائيل وطنا بديلا.
تختلف الروايات عن أسباب رحيل اليهود عن المغرب، حيث كانوا يحظون بحماية السلطان، لكن الروايات تكاد تتفق على أنهم لم يتعرضوا للعنف أو لاعتداءات تجبرهم على الرحيل.
أبارحيل روفين، أحد أعضاء حركة الفهود السود التي تبنت قضايا اليهود الشرقيين في إسرائيل، رحل صغيرا مع والديه إلى إسرائيل، ورغم تجاوزه اليوم الـ70 من عمره، لا يزال يؤمن أن المغرب هو وطنه حيث يجب أن يكون.
يقول روفين في حديث لموقع"راديو سوا" عن بدايات الهجرة "لقد رحلنا بإرادتنا، لم يجبرنا أحد على الرحيل، لم نتعرض للاعتداء كما حدث مع باقي يهود العالم، نحن كنا مواطنين مغاربة وكان المغرب وطننا".
حنا شمويان، أيضا تقول في فيلم "من تنغير إلى القدس…أصداء الملاح"، إنهم لم يجبروا على الرحيل، لكن لم يكن بد من المغادرة.
حنا شمويان في فيلم"من تنغير إلى القدس…أصداء الملاح":
تقول شمويان "قبل سنة 1948 لم يكن في قريتي تنغير فرق بين مسلم ويهودي، كنا نتشارك الفرح والحزن، لكن بعد هذا التاريخ أصبحت مواصلة الحياة المشتركة أمرا صعبا".
تضيف"نساء القرية قاطعننا، حتى تحية الصباح أو السلام لم يعدن يلقينها علينا نحن يهوديات القرية، لم تعد تنغير كما كانت، لذلك رحلنا، لكن أؤكد أن لا أحد اعتدى علينا أو مارس علينا العنف".
أمل العودة
بدارجة مغربية لم تخل من كلمات عبرية، وحتى بضع كلمات مشرقية تحدث أبارحيل روفين لموقع "راديو سوا" عن "الحلم الأمل"… العودة إلى المغرب بجواز سفر مغربي.
يقول رؤوفين إن حلم العودة ليس وليد اللحظة، بل إنه يساور يهود إسرائيل من اأصول مغربية منذ أن حطوا بأرض غير تلك التي ألفوها وألفتهم.
يحكي روفين أن المهاجرين المغاربة صدموا مما اعتبروه عنصرية تجاههم هم يهود الشرق أو من يعرفون بـ"السفارديم" في مقابل تعامل جيد مع يهود الغرب المعروفين بـ"الأشكيناز".
يقول روفين "كنا في بلدنا المغرب معززين مكرمين، كنا مرتاحين بمنازلنا، بتجارتنا، بألفة جيراننا، وأصحابنا، وأتينا إلى إسرائيل حيث ووجهنا بالتمييز في العمل والسكن بل وصل الأمر حتى الاعتداء علينا واعتقالنا حين كنا نحتج".
تلخص حنا شمويان التمييز الذي قابلتهم به إسرائيل، في قصيدتها التي قالت في فيلم كمال هاشكار إنها ألفتها في البداية بالمغربية لأنها لم تكن تتقن العبرية.
تقول القصيدة:
ذهبت إلى مركز التشغيل
سألوني من أين أتيت
أخبرتهم أنا من المغرب
فقالوا لي اذهبي خارجا
ذهبت إلى مركز التشغيل
سألوني من أين أتيت
أخبرتهم أني من بولندا
فطلبوا مني التفضل بالجلوس
يتذكر روفين بدوره ألم الرحيل، وأمل العودة، يقول في حديثه لموقع "راديو سوا" إن يهوديا مغربيا يدعى ديفيد حمل سنة 1959 علم المغرب وصورة الملك الحسن الثاني وخرج في شوارع إسرائيل محتجا، طالبا العودة إلى بلده المغرب.
يقول روفين "العودة لم تكن بالأمر اليسير، لقد أخذ منا الإسرائيليون كل أوراقنا حين رحلنا عن المغرب… لقد دخلنا إسرائيل من دون هوية، وحين رغبنا بالعودة منعتنا سلطات البلاد من تحقيق حلمنا".
تحديات العودة
ما الذي يمنع يهود المغرب من تحقيق حلمهم في العودة للوطن؟
لا يوجد تمثيل دبلوماسي رسمي حاليا بين المغرب وإسرائيل، لكن يهود إسرائيل المغاربة كما الحال مع باقي يهود المغرب المنتشرين في أنحاء العالم بإمكانهم زيارة وطنهم الأم في أي وقت وحتى بالجواز الإسرائيلي الذي يعتبر مرفوضا الدخول به في عدد من الدول العربية.
هذا يحيلنا على تساؤل آخر: عن أية عودة يتحدث يهود إسرائيل المغاربة؟
ذا يحيلنا على تساؤل آخر: عن أية عودة يتحدث يهود إسرائيل المغاربة؟
يجيب روفين "لا نتحدث عن تلك العودة التي يذهب فيها اليهود لزيارة أضرحة أوليائنا هناك في
المغرب".
ويضيف "نتحدث عن دخول المغرب بجواز سفر مغربي وليس إسرائيلي، عن بطاقة هوية مغربية، لا نريد أن نزور المغرب كسياح بل نريد أن ندخله كمواطنين".
لكن تشارلز دحان ممثل الجالية المغربية اليهودية في أميركا، يقول إن الإدارة المغربية تساعد اليهود المغاربة على الحصول على أوراقهم الثبوتية واستكمال مواطنتهم.
ويحكي دحان عن حالته وحالة أخته، وهي مواطنة أميركية، إذ يقول في حديثه لموقع"راديو سوا" إنه ذهب إلى دوائر مدينة مكناس حيث ولد هو وأخته، وهناك ساعدوهما على استخراج شهادة الميلاد وبعدها الحصول على جواز سفر.
لكن روفين، وهو من مواليد الرباط، لم يوفق كما وفق تشارلز وأخته، إذ يحكي أنه ذهب إلى دوائر العاصمة وهناك أخبروه أن لا إثبات لديه بأنه يهودي مغربي، أو أنه ولد في المغرب.
إلا أن تشارلز يرد على روفين قائلا "إنهم يعرفون اليهودي المغربي من اسمه، ومن طريقة حديثه". وينفي أن تكون الإدارات المغربية تشترط امتلاك اليهود المغاربة أوراقا ثبوتية قديمة لكي تمنحهم جوازات سفر.
ومع ذلك يصر رؤوفين على أن العائق أمام تحقيق حلمه في العودة هو عائق سياسي أولا، إذ يقول "الإدارة المغربية تعيق عودتنا للوطن".
روفين، الذي يبدو أن ذاكرته ترفض ترك المغرب الذي رحل عنه طفلا، لا يزال ينادي العاهل المغربي محمد السادس بلقب السلطان بدل الملك، ويقول في حديثه لموقع "راديو سوا": "من منبركم الإعلامي أوجه ندائي لسلطان المغرب وللبرلمان المغربي أن ينظروا في قضيتنا وأن يساعدونا في دخول المغرب كمواطنين مغاربة وليس كسياح إسرائيليين".
لكن تشارلز، له رأي آخر، فهو يقول إن ما يقارب المليون يهودي مغربي مقيمون في إسرائيل، يرى المغرب فيهم وفي باقي اليهود المغاربة المقيمين في باقي بلدان العالم ليس مواطنين كاملي المواطنة فقط بل سفراء دائمين له أيضا.
يقول تشارلز "يهود المغرب المقيمون بالخارج هم ماكينة دعاية وترويج للمغرب، للسياحة فيه، للدفاع عن قضاياه، وللحفاظ على استقراره".
ويضيف تشارلز "نحن يهود المغرب نريد أن يكون هذا البلد نموذجا في المنطقة للتعايش بين المسلمين واليهود على أرض واحدة".
جدل العلاقة مع إسرائيل
أثار فيلم "تنغير أصداء الملاح" الجدل في المغرب، واتهم البعض مخرجه كمال هاشكار بـ"التطبيع" مع إسرائيل بسبب تصوير مشاهد كثيرة منه هناك.
هذه الاتهامات تطرح السؤال: كيف يستقبل المغرب مواطنيه اليهود المهاجرين؟ هل سيقابلون بالترحاب في مجتمع ينقسم أبناؤه بين دفاعهم عن القضية الفلسطينية وواجب المواطنة الذي يجمعهم باليهود المغاربة؟
بدو هاشكار غير قادر على انتظار مفاجآت القدر، ويصر على أن يساهم في تسيير عودة اليهود المغاربة من إسرائيل إلى المغرب.. ولو فنيا.
يقول هاشكار في حديثه لموقع"راديو سوا" إن فيلمه الوثائقي الأول، ورغم الاحتجاج الذي قوبل به، عرف أيضا إقبالا واستحسانا ودعما من اليهود المغاربة التواقين لربط جسور التواصل بين إسرائيل والمغرب.
ويضيف أن هذا النجاح شجعه على العمل على جزء ثان لما بدأه في فيلمه الأول، هذه المرة سيتحدث عن عودة الجيل الجديد من اليهود المغاربة المولودين في إسرائيل والذين يعودون للمغرب لاستكشاف هويتهم وهوية أجدادهم.
بطلة فيلم هاشكار المقبل، ستكون نيتا الكيام، مغنية شابة تبلغ من العمر 33 سنة، ولدت في إسرائيل لأبوين يهوديين مغربيين، ستلتقي في الفيلم بمغنية مغربية مسلمة، وستغنيان معا من التراث اليهودي المغربي.
"أنا أومن بالسينما وبدورها في التأثير على الرأي العام وأومن أني بهذه الطريقة يمكن أن أمد جسر التواصل بين يهود المغرب في إسرائيل ووطنهم الأم"، يقول هاشكار في ختام حديثه لموقع"راديو سوا"، ويضيف "التعايش في المكان ذاته في إطار السلم والأمن ليس حلما مستحيلا".
وفي انتظار تحقق أمنية كمال هاشكار، لا يزال أبارحيل روفين ذو الـ70 سنة متشبثا بحلمه في دخول المغرب بجواز سفر مغربي، ولا يزال يتمنى عودة ذاك الزمن الذي كانت فيه مائدة واحدة تجمع الجار اليهودي بجاره المسلم دونما أي خوف.
اليهود فيُإفريقياُخاللُفتر ة االستعمارُوماُبعدها –
محمد المدلاوي المنبهي
Mohamed Elmedlaoui
http://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques
اليهود فيُإفريقياُخاللُفتر ة االستعمارُوماُبعدها – ندوةُدوليةُ-
جامعة كاب-تاون (جنوب إفريقيا): 22-24 غشت 2016
"تكريس 'الرافد العبري' في الدستور المغربي: أ سـ سه ودالالته"
(أصل العرض باللغة اإلنجليزية)
محمد المدالوي
المعهد الجامعي للبحث العلمي / جامعة محمد الخامس بالرباط
— ملخصُالعرض –
(في انتظار نشر ترجمة النص األصلي الكامل التي أعد ها ذ. عبد اللطيف معزوز)
لمحةُتاريخيةُعنُالجماعاتُاليهوديةُالمغربية
عنصر الجماعات اليهودية أو المته ودة عنص ر دائم الحضور في وثائق تاريخ المغرب خاصة، وشمال إفريقيا عامة، منذ بدايات توفر الوثيقة التاريخية بجميع أنواعها ولغاتها المتعاقبة وحواملها المختلفة. ولقد ع طبع هذا الحضور المستمر بطابعه جمي األبعاد، البشرية والسوسيو-اقتصادية والسياسية والديبلوماسية والثقافية الفلوكلورية والفنية والروحية، للكيان المغربي بأشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة عبر تطور هذا البلد وتعاقب د وله، بأحداثها، وأعماقها اإلفريقية، وامتداداتها التاريخية في العدوة الشمالية للمتوسط، وما يزال ذلك العنصر فاعال إلى اليوم.
ولقد شكل الظهور األول لتلك الجماعات بشمال إفريقيا موضوع فرضيات عدة مختلفة. فبعض الروايات ذات الطابع المناقبي األسطوري ترفع ذلك الظهور إلى حقبة تخريب الهيكلُاألول )587 ق.م(، وذلك على أساس تأويالت تلموذية ب عدي ة )1954 Laredo .)وتورد نصوص أخرى أكثر جد ية )المؤرخ الالتيني Tertullien ،150-220 ميالدية( إشارات تفيد أن "أن بعض الجماعات األمازيغية كانت تلتزم بطقوس السبت واألعياد والصوم وبالقيود اليهودية في باب األطعمة واألشرية". ومن بين حاوالي الخمسين كلمة التي يتشكل منها النص المزدوج اللغة )أمازيغي-بونيقي( الذي ن قش كإهداء على ضريح الملك األمازيغي ماسينيسا )238-148 ق.م(، وردت كلمة שופט )التي تعني "قاض/ حاكم" في اللغة العبرية وفي بعض خم س مرا ت كلقب ألسالف ذلك الملك ممن ذ كرت أسماؤهم في اإلهداء. وقد تحدث اللغات الكنعانية( مؤرخو اإلسالم بدورهم، في نوع من الغموض، عن ملكة أمازيغية قيل إن لها عالقة باليهودية أو بالته ود، فأطلقوا عليها، بناء على ذلك، لقب "الكاهنة"؛ وهي التي أبدت أشرس مقاومة للجيوش العربية الفاتحة لشمال إفريقيا في القرن السابع الهجري. ومن بين المجموعات والقبائل التي عملت أول دولة إسالمية في المغرب )دولة األدارسة( على محاربتها قصد إرساء سلطتها الجديدة، يتحدث المؤرخون عن "بعض القبائل اليهودية والنصرانية". وفي البدايات األولى لقيام حكم األسرة العلوية الحالية، كان من بين اإلجراءات الجيو-استراتيجية التي اتخذها السلطان موالي رشيد من أجل بسط سلطته نحو المغرب األطلنتيكي، انطالقا من الشرق عبر مضيق تازة، هو تحييد القوة االقتصادية والشبه عسكرية النافذة لما يشبه إمارة أو إقطاعية في مدينة تازة ونواحيها تحت إمرة اليهودي هارون بن مشعل.
وخالل القرون األخيرة لهذه الحقبة اإلسالمية، في موازاة، ثم في استمرارية لما كان سائدا في العدوة الشمالية لمغرب العدوتين، تألقت عدة شخصيات يهودية ولعبت أدوارا في الصف األول ذات تأثير ونفوذ في ميادين االقتصاد والمالية والعلوم الدينية والفلسفية واللغوية وفي ميادين الثقافة والفنون والسياسة ر الرسمية وحتى المعا ضة في إطار الدولة المغربية بمختلف مكوناتها إلى يومنا هذا، وآخر رموز ذلك القبيل من الشخصيات في الميدان األخير )السياسة( بالمغرب الحديث هم أمثال ابن زاقين، جاك طوليدانو، روبيرت أص راف، أندري أزوالي، سيرج بيردو ًكو، ابراهام السرفاتي، صيون أسيدون، شمعون ليفي، الخ.
المغاربةُاليهود، واليهوديةُالكونية،ُوالصهيونيةُالسياسية، والحمايةُالفرنسية
على خالف كثير من الجماعات اليهودية بشرق ووسط إفريقيا مثال، ظلت الجماعات اليهودية المغربية على اتصال فكري عضوي، منتظم ومستمر عبر التاريخ، بينابيع الفكر اليهودي المشرقي في فلسطين وبابل خا صة، باعتبارها لتلك األصول ولمصادرها الكتابية ورموزها البشرية مث ـ ـ ها األعلى ومصد ر ـلـ مشروعيتها األو ل كجماعات يهوديةُذاتُخصوصياتُمغربية. فجميع الحركات الفكرية والروحية الكبرى التي طبعت اليهودية المشرقية عبر التاريخ )الحركات المهدوي ة مثال( تجد لها صدى بشكل أو بآخر في وثائق الجماعات اليهودية المغربية، وذلك حتى في المراكز القروية البعيدة كـمركز "إيليغ" على سبيل المثال، زيادة على تواصل العنصر البشري المباشر عبر حركة رحالتُالحجُفيُاتجاهُفلسطين ورحالت الدعاةُوجامعيُالصدقاتُالقادمين من المشرق. وعلى خالف ذلك، من جهة ثانية، لم يكن للجماعات اليهودية المغربية تواص ل منتظم وفع ال مع جماعاتُيهودُأوروبا الحديثة، بما كان يمور فيها بعد النهضة األوروبية وما يقابله من حركةُالتنويرُاليهودي المعروفة بـ"الهاسكاال". وحتى بعد ظهور الصهيونيةُ السياسية الحديثة )في مقابل الصهيونيةُالمهدويةُالروحية(، لم يكن ذلك التواصل تا ما؛ وذلك بسبب حاجز اللغة )األلمانية أو الياديش(، مما جعل يهود المغرب وشمال أفريقيا عا مة آخر من م ستهم تلك حت ى "السياسةُاليهودية" لفرنسا في الجزائر مثال الحركة بعد قيام دولة إسرائيل. وزيادة على ذلك، ف )قوانين كري ميو 1870 ،وقوانين فيشي 1940 )لم يكن لها مقابل في المغرب في ظل نظام الحماية الفرنسية بعد إقامتها. وبالمقابل، فإن العملُالتربويُللشبكةُالمدرسيةُللرابطةُاليهوديةُالعالمية )AIU،) الذي بدأ مباشرة بعد حرب تطوان وانطلق من تلك المدينة إلى غيرها من المدن وحتى القرى بعد ذلك بحوالي قرن، هو العمل الذي كان له مفعولُجوهريُحاسمُفيُإحداثُشرخُهوياتيُوسوسيو-سياسيُ وأيديو-سياسيُعميقُفيُصفوفُالمجتمعُالمغربيُعلىُمستوىُمكوناتهُعلىُمستوى البعدُالملي. إنه المفعول الذي أفضى إلى تحريك عجلة آلة الهجرة االختيارية أو التهجير الجماعي الكبير لليهود المغاربة بعد إقامة دولة إسرائيل وما تداخل مع ذلك القيام من سيادة أيديولوجية القومية العربية بأصدائها في مغرب الحركة الوطنية ومغرب العقود األولى لالستقالل. لكن تلك الجماعات ظلت من جهة ثانية، وإلى اليوم، مرتبطة عضويا، على المستوى الروحي والثقافي والعاطفي، بأرض المغرب عبر شبكةُمنُالمزاراتُ وأضرحةُالصالحينُمنُمختلفُالعياراتُوالدرجات )وبعض تلك المزارات والصالحين مشترك في تكريمها بين اليهود والمسلمين(، وعبر ما ن سج حول كل ذلك من أدبيات مناقبيّة غنيّة.
اليهود المغاربة اليو م ا
على الرغم من التضاؤل الشديد للجماعات اليهودية المغربية، التي استحالت، بعد الهجرات الكبرى، إلى حوالي 1 % من عددها لبداية الخمسينات من القرن-20 ،فقد استمرت هذه الجماعات في االحتفاظُبحضورُ ومشهوديّةُبالمغرب على مختلف األصعدة، االقتصادية، والسياسية، والديبلوماسية، والثقافية، كما كان عليه الشأن منذ القرون الوسطى وأكثر. أما على صعيد شتات الدياسبورة، فتظل جماعات اليهود المغاربة، عبر العالم، من أمتن الجاليات اليهودية تنظيما وهيكلةً من خالل مختلف فيديرالياتها القطرية والجهوية والعالمية المؤ ّسسة على أبعاد خصوصيتها المغربية. أما على الصعيد الداخلي بمغرب اليوم، فإن ما طبع المجتمع المغربي الحالي عامة من تطور في ما يخص تصور مقوماتُالهويةُالمغربية، خصوصا بعد الخطابُالملكيُبأجدير )2001 ،)والظهيرُالملكي المحدث للمعهد الملكي للثقافة األمازيغية، قد د شن عهدا وجت، في باب ما يتعلق فكريا جديدا قوامه خطط وبراديغمات سوسيو-سياسية وسوسيو-ثقافية متجد دة، ت بالمكون اليهودي للمجتمع المغربي، بما ورد في ديباجة الدستور الجديد )2011 )من تكريس لـ"الرافدُ العبري" كأحد عناصر "الهوية المغربية التعددية التي ال تقبل التجزيء". ولقد مهدت لذلك التطور م السوسيو-سياسي المؤ سـسي، ث وواكبته، حركي ة فكريةُوأدبيةُوفنيةُوأكاديمية ما تزال جارية إلعادة ما كان قد توارى في ظل حي ز الوعي من أوجه ذلك الرافد إلى منطقة الضوء من ذلك الحي ز.
عودةُالتراثُاليهوديُالمغربيُإلىُمركزُاالهتمام
مع التضاؤل العددي الحاد للجماعات اليهودية المغربية المشار إليه أعاله، أصبح التراث المغربي اليهودي م يشكل صلب رهان اهتمام الجميع في المغرب وخارجه. فلم يعد ا الهتما به في المغرب، رعايةً وإنعاشا، مقصورا على المؤسسات والهياكل التنظيمية الخاصة بما تبق ى من تلك الجماعات، التي سبق أن تمي زت في هذا الباب بتأسيس "متحفُالتراثُاليهوديُالمغربي" بالدار البيضاء، الذي يشكل المتحف الوحيد من نوعه في كامل شمال إفريقيا والشرق األوسط. فقد تم كذلك إنجازُكثيرُمنُالمشاريعُفيُهذاُالبابُمنُ طرفُمختلفُالوزاراتُالمعنية )كوزارتي الثقافة واألوقاف(، وذلك بتوجيهُورعايةُمنُعاهلُالبالد، كما أطلقت مشاريع أخرى هي قيد اإلنجاز. وبينما كانت األوساط األكاديمية قد شرعت منذ ثالثة عقود في االهتمام ُاألكاديمي بأوجه الرافد العبري، ولو على ُشكل ُمبادرات ُفردية )رسائل وأطروحات ومنشورات(، فقد أخذ المجتمع المدني في السنوات األخيرة ينخرط بدوره في نفس االتجاه؛ وآخر مج رد مثال لذلك االنخراط هو "جميعةُأصدقاءُمتحفُالتراثُاليهوديُالمغربي" التي تأ سـست مؤخرا وشرعت في إنجاز برامجها في الداخل والخارج، والتي تميزت بكون مكتبها المسيّرُالحاليُيتكونُمنُمسلمينُ ويهود على ُأساسُمن المناصفة. لقد تم كل ذلك، ألن التراكم المستمر للمعرفة ُاألكاديمية منذ ثالثة عقود، في جو من الفكرُالتعدديُالجديد، قد خلق وعيا متزايدا، ما فتئ يت سع، بأن الثقافة المغربية في عموميتها وتعدد أوجهها ومستوياتها العالمة والفلكلورية متداخلة علىُهذاُالصعيد تداخالُمتبادالُذهاباُ وإياباُعبرُالتاريخُمعُما يشكلُخصوصيةُاليهوديةُالمغربية.
كل هذه العناصر البنيوية، وتلك التطورات الفكرية والمؤسسية الحديثة المذكورة، إضافة إلى العمق التاريخي المشار إليه، هو ما يشكل أساس وخلفيات تكريس الدستور المغربي للرافد العبري كمقوم من مقومات الهوي ة والخصوصية المغربية
رابط نحو شريط إلقاء العرض في صيغته األصلية باإلنجليزية
إيجال بنون، مؤرخ إسرائيلي، يعد من القلائل الذين تعمقوا في ملف العلاقات المغربية الإسرائيلية.
إيجال بنون، مؤرخ إسرائيلي، يعد من القلائل الذين تعمقوا في ملف العلاقات المغربية الإسرائيلية.. في هذا الحوار يعيد ضيفنا تقليب صفحات التاريخ مقدما روايات جديدة تسلط الضوء على ما خفي في العلاقات بين البلدين، بدءا من اتفاق هجرة اليهود المغاربة، ومرورا بحضور الموساد في ملفات مغربية حساسة كملف المهدي بن بركة.
كتبتم بشكل مستفيض عن العلاقات المغربية الإسرائيلية، متى يمكن القول إن هذه العلاقات بدأت وفي أي سياق؟
العلاقات المغربية الإسرائيلية، لم تبدأ خلال سبعينيات القرن الماضي، كما يتصور البعض، بل قبل ذلك، أي منذ فجر استقلال المغرب. في البدء كانت هذه العلاقة تتمحور حول موضوع حقوق اليهود، وحيازة جواز السفر، ثم مبدأ التنقل الحر.
العلاقات المغربية الإسرائيلية، في مجال الهجرة بدأت أولا قبيل استقلال المغرب، من خلال المؤتمر اليهودي العالمي، عبر منتدبيه بالمغرب جو غولان وألكسندر إيسترمان، اللذان التقيا ممثلي القصر على رأسهم مبارك البكاي، وأسماء من حزب الاستقلال من قبيل المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد، كل ذلك بهدف حماية حقوق اليهود بالمغرب.
أثناء اجتماع مغلق للجامعة العربية ببيروت، سنة 1959، فاجأ الأمير مولاي الحسن جميع المشاركين، بأنه قد حان الوقت للعرب للاعتراف بإسرائيل، بل وانخراطها في الجامعة العربية، لم يخرج ما دار في الاجتماع للعموم إلا أثناء التوقيع على اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل. بعدها سيزور ولي العهد آنذاك للقاهرة، حيث تلقى دعما عسكريا، هذا في الوقت الذي كان فيه السلطان محمد الخامس يعد لجولة عبر العواصم العربية. وفي يناير 1960 زار محمد الخامس العديد من عواصم الشرق الأوسط خلال خمسة أسابيع، تماشيا مع وعده أثناء القمة العربية بالدار البيضاء، وخلال الأحد عشر يوما التي قضاها بالقاهرة كان منشغلا بمسار تعريب التعليم بالمغرب، الذي لم يكن ليتم، حسب رؤيته، إلا بأساتذة مصريين يدرسون بالمغرب، وذلك بسبب النقص الحاصل بين صفوف الاطر المغربية نتيجة السياسة الاستعمارية الفرنسية، كما وقعت العديد من اتفاقيات التبادل الثقافي والتجاري، بيد أن السلطان محمد الخامس لم يكن متحمسا لعرض مصري لتدريب القوات المسلحة الملكية وتزويدها بالعتاد العسكري، مفضلا عرضا أردنيا، أي من خصم الجمهورية العربية المتحدة آنذاك.
متى تم الاتفاق إذن بشأن هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل؟
في غشت من سنة 1961، وقع "اتفاق التسوية" بين الحسن الثاني والإسرائيليين، يتيح تنقيلا سريا ومنظما للطائفة اليهودية المحلية، وخلال مفاوضات هذا الاتفاق حضر وسطاء إسرائيليون كجو غولان وأندري شوراكي، ومن الجانب المغربي حضر بنسالم كسوس، الذي التقى في مارس 1960 بالقدس، بوزير الشؤون الخارجية غولدا ماير، فيما ظلت شخصيات يهودية في الظل من قبيل سام بنزراف وإسحاق كوهن أوليفر، الذين التقوا بالأمير مولاي علي وعبد القادر بنجلون، من أجل تمحيص بنود هذا الاتفاق.. وخلافا لما كتب بعدها، فالجنرال محمد أوفقير لم يحضر اتفاق الهجرة الجماعية لليهود من المغرب، حتى إنه رفض الاتفاق.
وعلى ماذا كان ينبني هذا الاتفاق؟
في الواقع فالاتفاق كان يقضي باستفادة المغرب تعويضا ما بين 50 إلى 250 دولار للفرد الواحد، نظير الضرر الاقتصادي الذي من المحتمل أن يتسبب فيه رحيل اليهود المغاربة، هذه الهجرة تمت تحت غطاء المنظمة الإنسانية للهجرة (Hebrew Sheltering and Immigrant Aid Society).
ماذا عن علاقة رموز المعارضة المغربية بالمسؤولين الإسرائيلين؟
في 28 مارس 1960، بعث غولدا ماير مبعوثا خاصا، يدعى ياكوب كاروز، الذراع الأيمن لرئيس الموساد إيسر هارل، للقاء المهدي بن بركة، الأخير طلب من الإسرائيليين دعما ماليا لحزبه، وذلك ما يفسر أثناء "منفاه" الثاني بأوربا تلقيه لراتب شهري من إسرائيل عبر وساطة من ألكسندر إيسترمان عن المؤتمر اليهودي العالمي، بيد أن العلاقات بين بن بركة وإسرائيل ستتدهور حينما طلب من كاروز، ودون تردد مده بأسلحة، ليستعملها حزبه وقتما أراد، حينما يعلن النفير ضد النظام من أجل تسلم السلطة. ابتداء من هذا اللقاء، نصح غولدا ماير سفيره بباريس، بالحيطة من المهدي، والاعتماد أكثر على محيط ولي العهد مولاي الحسن، ولعل هذا ما يفسر الخطاب المعادي لإسرائيل الذي ألقاه بن بركة بالقاهرة، بعدما قلصت إسرائيل علاقاتها معه، وتراجعت عن راتبها الشهري له، وأدارت بوصلتها تجاه القصر.
كل هذه اللقاءات الذي ذكرت حدثت في الظل، فمتى حدث أول تماس ديبلوماسي بين المغرب وإسرائيل؟
سيتعين علينا أن ننتظر حتى فبراير 1963، لأجل تسجيل أول علاقات ديبلوماسية سرية بين المغرب وإسرائيل، قبيل حرب الرمال بين المغرب والجزائر، بصحراء تندوف، حين فضل المغرب مساعدة من تقنيين إسرائيليين عوض نظرائهم من فرنسا أو أمريكا أو روسيا أو حتى مصر، أما بخصوص إسرائيل، فوزيرها الأول دافيد بن غوريون، كان يبحث عن علاقات مع بلدان عربية أو مسلمة، خارج الصراع الإسرائيلي-العربي.
أول لقاء ديبلوماسي مع القصر، حدث بين الذراع الأيمن لإيسر هاريل، ياكوف كاروز والجنرال محمد أوفقير بشارع فيكتو هيغو بباريس، ببيت قائد الشرطة الفرنسي، والمنتدب لدى الأنتربول، إيميل بنحمو، تلته سلسلة من اللقاءات بين أوفقير والعميل الشاب للموساد دافيد شومرون، اللقاءات جرت بجنيف بفندق "بو ريفاج" وبفندق كورنافين بشارع جيمس فازي، ودون شك فقد تلقى أوفقير الضوء الأخضر من الحسن الثاني.
وفي منتصف فبراير من نفس السنة، سيقوم أحمد الدليمي، نائب الدليمي بالأمن الوطني، بسفر لتل أبيب من أجل لقاءات عمل مع عدة فروع للموساد.
من من المسؤولين الرسميين المغاربة الذين التقوا بنظراء لهم من إسرائيل؟
وفي 12 أبريل 1963، تلقى السفيران المغربي والإسرائيلي بباريس، محمد الشرقاوي، ووالتر إيتان، الضوء الأخضر من حكومتي بلدهما للقاء، بعدها توالت لقاءات عملاء الموساد مع أوفقير والدليمي والعديد من الشخصيات المغربية.
بعدها بشهرين، مير أميت زعيم الموساد الذي خلف إيسر هاريل، سيحل بالمغرب، ليلتقي كلا من الحسن الثاني والجنرال محمد أوفقير برواق صغير بقصر مراكش، وعلى عكس بعض الكتبن وبينها كتاب أحمد البخاري، فإيسر هاريل لم يقم بأي سفر رسمي للمغرب ويلتق قط الحسن الثاني.
وجاءت زيارة الجنرال مير أميت ومساعده ياكوف كاروز غداة فشل المفاوضات بين الحسن الثاني والرئيس الجزائري أحمد بن بلة بالجزائر، حول المشاكل الحدودية، وقبيل حرب الرمال بين البلدين الجارين، هنا، طلب أوفقير دعم إسرائيل عسكريا وأمنيا واستراتيجيا، ولم يكن المغرب يثق لا في الأمريكيين ولا في الفرنسيين، لهذا فضل دعما من إسرائيل.
معروف أن الجدار العازل بالصحراء المغربية فكرة إسرائيلية، ما الإرهاصات التي أخرجت هذه الفكرة إلى الوجود، ومن من المغاربة الذي كان يقف على حيثيات الموضوع؟
في سنة 1980، نصح الجنرال إسحاق رابين، الذي سيضحي وزيرا أول، أحمد الدليمي ببناء جدار عازل يقي "الصحراء النافعة" ومناجم بوكراع، وهنا توطدت الروابط بين المغرب وإسرائيل في العديد من المجالات الأمنية، وبالأخص في التعاون الفلاحي، والتكنولوجيات الجديدة، والاتصال والتجارة وتكوين الأطر…
طبعات العلاقات المغربية الإسرائيلية بملف المهدي بن بركة، ما الرواية التي تقدمون؟
بكل تأكيد لم تكن للحسن الثاني رغبة لتصفية بن بركة، حتى إنه أرسل وزيره رضا اكديرة إلى باريس، من أجل عرض فكرة العودة للمهدي إلى أرض الوطن قبل عقد مؤتمر القارات الثلاث، الذي كان من المقرر أن يجري بهافانا، بيد أن بن بركة فضل عدم العودة للبلاد بعد هذا المؤتمر، وبرأيي أن المغاربة لم يريدوا أن يحصل لبن بركة ما حصل له.
انطلاقا من الشهادات التي جمعتها منذ 1996، ومن مصادر جد موثوقة، فبن بركة توفي مخنوقا، بعدما قام أحمد الدليمي وميلود التونسي، المعروف بلقب الشتوكي، بغطس رأسه في حوض استحمام، ما تسبب في موته، وهنا سيسارع الدليمي في طلب إيمانويل تادمور، المسؤول عن الموساد بباريس، من أدل مساعدته للتخلص من جثة المهدي، ومنح مساعديه جوازات سفر مزورة.
وكان الدليمي قد حل بباريس في 28 أكتوبر 1965، والتقى بناتفالي كينان، رئيس فرع تيفل التابع للموساد، وطلب منه البقاء قرب الهاتف في شقة تابعة للموساد، بعد يومين، التقيا مجددا، طالبا منه مفاتيح الشقة، التي لقي فيها بن بركة حتفه.
بعدها حل ثلاثة عملاء من الموساد، وهو أليعيزر شارون، وزيف أميت، ورافي إيتان، بشقة بباريس، حاملين جثة المهدي بن بركة داخل حوض استحمام، فغلفوه ووضعاه بصندوق سيارة ديبلوماسية متجهة لضاحية باريس، من أجل دفنه بغابة شمال شرق باريس، في مكان كان من المعتاد أن يرتاده عملاء الموساد من أجل النزهة، فسكبوا عليه مستحضرا كيميائيا، كانوا قد اقتنوه عملاء الموساد من عدة صيدليات بباريس، ساعات بعد ذلك، تسبب المستحضر الكيميائي حين تفاعل مع الماء في إذابة الجثة.
شهورا بعد الواقعة، اعترف الدليمي لدافيد شومرون أن بن بركة توفي بين أيديه، وهنا أنقل شهادة شومرون بأمانة "الدليمي وضع رأس الضحية في حوض استحمام، حتى إذا أراد أن يتقين إذا ما يزال يتنفس، نكزه في أنحاء جسده، لمعرفة ما إذا تعين عليه إخراج رأسه، بعدها، بقيت رأس بن بركة طويلا في الماء دون تنفس، فتوفي مخنوقا"، وحسب شومرون، فالدليمي لم يستعمل أي مسدس ولا أي أداة من التي منحته إياها الموساد بطلبه، مبرزا أن وفاة بن بركة لم تكن سوى نتيجة حماس زائد من الدليمي، فيما لم يكن لأوفقير أي دور في القضية.
ما ذا كان صدى اختطاف بن بركة وقتله في المغرب؟
بعد وقوع الكارثة، طلب الحسن الثاني من أوفقير الحلول بباريس من أجل استفسار سلوك الدليمي، ففي الواقع أراد الملك "توريط" أوفقير في الملف أمام القضاء الفرنسي، وفي نهاية المطاف، تمت تبرئة الدليمي من القضاء، فيما أدين أوفقير، الذي لم يكن متورطا لا في اختطاف ولا موت بن بركة، غيابيا بالسجن مدى الحياة، وبقية القصة معروفة، بعد محاولته الانقلاب على الحسن الثاني سنة 1972، أما الدليمي فقد لقي مصرعه سنة 1984 في حادثة سير مثيرة للريبة.
نقلت مجمل ما توصلت إليه للبشير بن بركة، وشقيقه بباريس في أكتوبر 1998، ولزكية داود في يوليوز 1997 وشتنبر 1998، إلى جانب المحامي موريس بوتان في 30 مارس 2004، بعدها طلب مني الأخير إذا ما كنت مستعدا لتقديم شهادتي للقاضي راماييل، فوضعت شرطين: ألا تعتبر شهادة بل رأي خبير، وأن يؤخذ هذا الرأي بإسرائيل وليس بباريس، فلم يتم الاتصال بي بعدها، وفي 27 شتنبر 2014، جدد المحامي بوتان طلبه أمام قاضي التحقيق الجديد سيريل بيرسو.
وبوساطة من الوزير الاسبق أحمد رمزي، قبل المسؤول عن الأمن المغربي حميدو لعنيكري لقائي، فحدث اللقاء في شتنبر 1998 بباريس بدروغستور بالشونزيليزي، فأخطرته أني سأنشر ما توصلت له في ملف بن بركة، فقدمت له الإسم الحقيقي للشتوكي.
طبعت العلاقات المغربية الإسرائيلية بحضور شبه دائم للموساد، فماذا قدم المغرب في المقابل لإسرائيل؟
بجهود وتبصر من الملك الراحل الحسن الثاني في مجال العلاقات الدولية، ظهرت إرهاصات اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، سبقتها المشاورات التي جرت بإفران.
وبقيت العلاقات بين إسرائيل والمعارضة السياسية، ممثلة في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية من جهة، ومع القصر من جهة ثانية، سرية، وكان اليهود المغاربة يرون بعين الريبة هذه العلاقات دون معرفة أبعادها، وبفضل الولوج لأرشيف القدس، بات بإمكاننا فهم خبايا الوفاق اليهودي المغربي، الذي بدأه محمد الخامس، وطوره الحسن الثاني.
هود المغرب المسلمون واليهود عبر التاريخ
يهود المغرب
عشية استقلال المغرب عام 1956، كان يعيش مئات من الجماعات اليهودية في جميع أنحاء البلاد، بلغ مجموعها حوالي 280 الف شخص، وتعد أكبر كيان يهودي في العالم الاسلامي.
كثير من هذه المجتمعات تعود بوجودها لعدة قرون خلت، وتعود بعضها الى العصور القديمة. وأقدم دليل على الوجود اليهودي يعود بتاريخه إلى العصر الروماني.
جلبت السيطرة الاسلامية في المغرب موجات جديدة من اليهود انضمت الى الجالية الموجودة. وكانت أول الجاليات اليهودية في المدن الرئيسية قد تم انشاءها في القرن التاسع والعاشر. وقامت السلالة البربرية "الموحدون" بتشييد مدينة مراكش عام 1062، والتي أصبحت عاصمة لامبراطورية واسعة تمتد من المغرب الى اسبانيا. منع اليهود من الإقامة في المدينة الجديدة، إلا أن يهود أغمات، المدينة الأطلسية، الواقعة على بعد 75 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي، بدأت بالتوافد الى مراكش من للتجارة.
إن السلالة الموحدية المتعصبة، والتي خلفت المرابطون في القرن الثاني عشر، حاولت لبعض الوقت إرغام اليهود على التحول الى الدين الاسلامي، فلجأ كثير منهم الى المناطق الجبلية في الجنوب حيث كانت الجماعات اليهودية ما زالت تقيم حتى 1950.. بدءاً من القرن الثاني عشر، سمح لليهود بالإقامة في مراكش، فنمت جالية كبيرة فيها، واستمرت حتى بعد ظهور سلالة "المرينيين" الذين جعلوا من مدينة فاس عاصمة لهم.
تحت ظل حكم المرينيين، لجأ العديد من اليهود من أسبانيا واستقروا في أنحاء مختلفة من المغرب، وخاصة بعد الأحداث العاصفة لعام 1431، عندما قامت أعمال شغب ضد اليهود وانتشرت في جميع أنحاء شبه الجزيرة الإيبيرية. وفي القرن السادس عشر، تابعت موجات المهاجرين من أسبانيا وصولها الى المغرب، في أعقاب عمليات طرد عام 1492، واستقروا في جميع أنحاء البلاد. وتنامى عدد السكان اليهود في فاس بقوة، وتم إنشاء أول ملاح في المدينة عام 1438.
ثم ولدت السلالة "السعدية" في وادي "درا" في القرن السادس عشر. وعرفت السياسة تجاه اليهود، منذ عهد المؤسس الأول للسلالة، ثباتاً ملحوظاً: عوملت الجاليات المحلية في المملكة معاملة حسنة، وشجعت الهجرة. وحصل بعض اليهود على مناصب هامة في البلاط، كما ساهموا بدعمهم في مواجهة القوات الموجودة على الحدود مع الجزائر. في النصف الأول من القرن السابع عشر تضاءلت سلطة السعديين، وبرز العديد من مراكز القوى، التي راحت تتنازع السيطرة على المغرب.
كما استقر اليهود المغاربة في المنطقة الواقعة شمال الأطلسي، وهذا ما سمح لهم الاتصال بالجاليات اليهودية من السفارديم في لندن وأمستردام، وتسموا بـ بربريسكوس، شأنها شأن غيرها من يهود المغرب العربي. ثم توقف النفوذ الاوروبي في المغرب خلال حروب نابليون. وكانت البلاد في تلك الفترة تحت قيادة مولاي سليمان، السلطان الذي اعتنق المذهب الوهابي، والذي كان يعتبر قيام علاقات وثيقة مع أوروبا من شأنه يشكل خطراً على البلاد. وتبعاً لذلك، قلل السلطان سليمان من عدد التجار الأوروبيين في المغرب، مستبدلاً إياهم بعدد قليل من اليهود المغاربة، من أجل القيام بمعظم المداولات التجارية في الخارج. ولكن احتلال الجزائر من قبل فرنسا في عام 1830 شكل نقطة تحول : فإن كان المغرب قد استطاع المحافظة على استقلاله حتى عام 1912، فإنه لم يسلم من ضغوطات مباشرة من القوى الاوروبية.
إن الهجوم الفرنسي الذي وقع في 1844، كما المعاهدة التجارية الأنجلو مغربية لعام 1856 وأيضاً الحرب التي خاضتها اسبانيا في 1859 – 1860 والتي أسفرت عن احتلال منطقة تطوان، ضعّفت، أكثر فأكثر، السيادة في المغرب. وأصبحت الحماية القنصلية التي كانت تتمتع بها القنصليات الأجنبية والتجار المغاربة، التي تخولها توظيف السكان الأصليين، فتمنحهم بذلك حقوقاً خارج أراضيهم، أصبحت سبباً رئيسياً في زعزعة استقرار النظام السياسي المغربي.
وكان اليهود المغاربة معنيون بهذه التغيرات، ذلك لأن بعضهم كان يقيم علاقات وثيقة مع أوروبا. وباعتبارهم وسطاء تجاريون لا يمكن الاستغناء عنهم في المناطق الريفية، فقد كانوا المستفيدين الرئيسين من الحماية القنصلية في المغرب. لذلك أصبح اليهود شيئاً فشيئاً مصدراً للصراع، وسبباً لتمزقهم ما بين مصالحهم مع القوى الاجنبية وبين أهمية الدور الذي يقومون به في صلب الحكومة المغربية.
بعد فرض الحماية الفرنسية، عام 1912، على معظم الأراضي المغربية، وأيضاً الحماية الاسبانية في شمال البلاد، وخوفاً من انقراض السلالة العلوية، قررت الحكومة الفرنسية المحافظة على المسيحية بوصفها كياناً رمزياً، وذلك باستخدام سلطان لإضفاء الشرعية ظاهرياً وتشريع الهيمنة الفرنسية.
هذه السيطرة الاستعمارية أفرحت بعض اليهود الذين كانوا يأملون بتخلصهم من وضعهم كـ "ذميين"، وأيضاً الحصول على المواطنية الفرنسية، شأنهم في ذلك شأن اليهود في الجزائر عام 1870. ولكنهم شعروا بخيبة أمل. فقد صدر مرسوم يصنف اليهود أشخاصاً "تابعين" للسلطان، خاضعين لسلطة قانونية مسيحية، لكل من فرنسا واسبانيا. فإن نجح اليهودي في التخلص من صفته "ذمياً"، لأنه لم يعد يتبع المحاكم الشرعية، غير أنه بقي وضعه من حيث الجنسية غامضاً.
كانت أعداد اليهود المغاربة في منتصف القرن العشرين على درجة من الاهمية. لذا، فهي لم تعان من المحرقة، ذلك أن السلطان محمد بن يوسف، وفي وقت لاحق الملك محمد الخامس رفضا (في حين أن المغرب في تلك الأيام كان ما يزال تحت الحماية الفرنسية) أن تطبق القوانين المعادية لليهود، في نظام فيشي، على يهود المغرب. وبقي اليهود المغاربة، وحتى في عهد الاستعمار، كما كان اليهود التونسيون بموجب مرسوم كريميو، أشخاصاً من التابعية المغربية.
ما بين قيام دولة اسرائيل عام 1948 واستقلال المغرب عام 1956، هاجر 90 ٪ من اليهود المغاربة. أكثرهم فقراً هاجر الى اسرائيل، حيث شكلوا جزءاً كبيراً من البروليتاريا في الدول "مدن قيد التنمية"، في حين هاجرت النخبة والطبقة المتوسطة الى كندا وفرنسا.
إن اليهود المغاربة هم مواطنون يتمتعون بكامل الحقوق وهم ناخبون ومرشحون. وقد وضعت لهم الدولة المغربية الإطار القانوني بما يتوافق مع مبادئ الديانة اليهودية. في مجال الأحوال الشخصية، هم يخضعون لقانون خاص، وهو ما يعني أنهم يحاكمون وفق الديانة اليهودية، في محكمة مخصصة لهم بالقرب من قاعة المحاكم العادية، في جميع الأمور المتعلقة بالزواج والإرث وحقوق القاصرين.
وإذا كانت الجالية اليهودية في المغرب بلغت عدة مئات الآلاف من البشر، في القرن العشرين، إلا أنها أخذت بالتراجع حتى لم تعد أكثر من 3000 الى 7000 شخص، وفقا لما ذكرته المصادر. الجزء الأكبر من هذه الجالية تركّز في الدار البيضاء والرباط. أما الصويرة، وهي مدينة في المغرب، التي يتجاوز فيها عدد السكان اليهود 60 ٪، لم تعد تعد الآن سوى القليل، أي أكثر من التجمعات التقليدية القديمة في فاس ومكناس ومراكش، اللتان فقدتا سكانهما وتألقهما. أما اليوم فإن الجالية اليهودية من اصل مغربي، تعد أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء العالم.
ملك المغرب يفتتح الكنيس القديم في دار البيضاء
מלך מרוקו חונכת ההכנסה בקזבלנקה לאחר שישב על כנה
https://youtu.be/g1yOKlrgoSk
ملك المغرب يفتتح الكنيس القديم في دار البيضاء
برعاية الملك محمد السادس رُمِم الكنيس الذي ظل مُقفلاً طوال السنوات الأخيرة بسبب عدم الاستعمال، وأعيد الكنيس كما كان قبل هجرة اليهود من المدينة
يقع كنيس "صلاة أتدغي"، وهو كنيس قديم، في مدينة الدار البيضاء القديمة، المركز الاقتصادي للمملكة المغربية. ظل هذا الكنيس التابع للعائلة اليهودية أتدغي، مقفلاً طوال الخمسين عاما الماضية بسبب قلة المصلين فيه وشيئًا فشيئًا تهالك المبنى وانهار. فقرر الملك، في إطار الترميمات التي تقوم بها المغرب في مدينة الدار البيضاء القديمة، ترميم الكنيس أيضًا.
أعيدت ألوان الكنيس إلى سابق عهدها، في إطار الترميمات، تمامًا كما كانت قبل مغادرة اليهود المدينة. وتم طلاء الكنيس من جديد وأُعيد الأثاث الأصلي فيه بعد ترميمه أيضًا. تم تعليق صور، عند مدخل الكنيس، من واقع حياة اليهود. أُعيد أيضًا ترميم حديقة الكنيس كما كانت في السابق. تلقى الملك خلال زيارته شرحًا، من قبل رؤساء الطائفة، حول الصور وأدوات الصلاة اليهودية واهتم كثيًر بالعادات المُختلفة.
يعيش في مدينة الدار البيضاء الكثير من اليهود وهناك العديد من المؤسسات اليهودية، الكُنس، المدارس اليهودية، السوبرماركت ومتجر لحوم الكاشير، ومتحف يهودي هو الوحيد في دول حوض المتوسط والذي يسرد تاريخ يهود المغرب. أصدر الملك في عام 2011 مرسومًا ملكيًا يُضاف إلى دستور الدولة والذي ينص على أن التراث اليهودي هو جزء لا يتجزأ من التراث المغربي. يحظى يهود المغرب بحرية دينية كاملة، وبحماية العائلة المالكة وحتى أن بعض اليهود مقربين من الملك ذاته. يُعتبر ملك المغرب صديقًا لليهود – التقليد الذي ورثه عن جده محمد الخامس الذي أنقذ الكثير من اليهود في فترة الهولوكوست.
ماذا تبقى من اليهود المغاربة؟
ماذا تبقى من اليهود المغاربة؟
خاص بـ"موقع الحرة"- إبراهيم مِطار
في ظل غياب أرقام رسمية، يصعب الحديث عن عدد اليهود المغاربة الذين فضلوا الاستقرار بالمغرب على الهجرة إلى أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية أو إلى إسرائيل حيث يوجد أكثر من مليون يهودي مغربي، وفق فدرالية اليهود المغاربة في واشنطن.
رغم ذلك يكفي أن تقوم بجولة صغيرة في المدينة القديمة بفاس أو أن تزور إحدى أسواق مدينة الدار البيضاء لتشاهد العشرات من اليهود المغاربة، ووفق الجمعيات الناشطة في مجال حماية التراث اليهودي المغربي، فعددهم يزيد عن 3000 نسمة في الدار البيضاء وحدها.
وفي مدينة أكادير مثلا جنوب المغرب، توجد طائفة تضم 60 فردا، يداومون على القيام بشعائرهم الدينية ويمشون في شوارع المدينة جماعات بزيهم "التليت"، ويتبادلون التحية مع من يصادفون في طريقهم بـ"الدارجة" المغربية أو باللغة الأمازيغية.
فلماذا فضلوا الاستقرار بالمغرب على الهجرة؟
لم تفكر عائلة هيرفي ليفي، عضو الطائفة اليهودية في مغادرة مدينة أكادير التي يدير بها مشاريع والده، الذي كان برلمانيا. ويشدد في تصريح لموقع "الحرة" على أن التاريخ اليهودي الأمازيغي يمتد في المغرب لأكثر من 2500 سنة.
ويتابع: "أنهيت تعليمي الإعدادي في أكادير بعدها ذهبت إلى الدار البيضاء حيث نلت شهادة الثانوية، غادرت المغرب لفترة قصيرة للدراسة في كندا، بعد التخرج من هناك رجعت إلى بلدي، نحن أبناء البلد".
يستعرض هيرفي الذي يشتغل في قطاع السياحة مجموعة من المبررات الأخرى التي دفعته إلى البقاء في بلده، "في المغرب العشرات من المزارات الدينية التي هي بمثابة حج سنوي يحرص المغاربة اليهود على زيارتها قادمين من كل البقاع، هنا دفن الأجداد وأولياؤنا الصالحون".
غير بعيد عن أكادير، وفي مدينة تارودانت يوجد مزار ديني يستقبل سنويا الآلاف من اليهود القادمين من إسرائيل ومن أوروبا، يجتمعون هناك لإحياء "هيلولة ربي دافيد بن بروخ"، وهو طقس ديني يحرص اليهود المغاربة على حضوره للتبرك بـ"الولي الصالح"، و"صلة الرحم مع أقاربهم وبلدهم الأصلي".
موسم تارودانت أو باقي المواسم الأخرى وسط وشمال المغرب، يحضرها ممثل للعاهل المغربي محمد السادس، ويستحضر الزوار حماية الملك محمد الخامس لهم ورفضه طلب حكومة فيشي الفرنسية الموالية لألمانيا التي كانت تريد ترحيلهم في خضم الحرب العالمية الثانية.
ويعتبر اليهود المغاربة هذه التجمعات صلة وصل بين الذين فضلوا الاستقرار بالمغرب وبين الذين رحلوا منذ ستينيات القرن الماضي إلى إسرائيل أو إلى الدول الأوروبية.
"هنا نعيش في تعايش وتآخ ولا نشعر بأي تمييز، نعيش في احترام تام متبادل مع إخوتنا المغاربة المسلمين"، يضيف هيرفي لموقع "الحرة".
كم تبقى من اليهود المغاربة؟
تعددت المبادرات الحكومية في المغرب الرامية إلى إعادة الاعتبار للمكون اليهودي، منها مشاريع تابعها عاهل البلاد الملك محمد السادس، كترميم الكنائس اليهودية كـ"صلاة الفاسيين" عام 2013، كما تقود الجمعيات الناشطة في نفس المجال الكثير من المبادرات الأخرى.
"من خلال المبادرات الميدانية التي نقوم بها نعتقد أن عددهم حاليا يصل إلى 4000 شخص، غالبيتهم يستقرون في المدن الكبرى"، تقول لعزيزة دليل نائب رئيس جمعية ميمونة لموقع الحرة.
وقالت المتحدثة إن المغرب يوفر لليهود فضاء من التعايش قل نظيره في الدول العربية، وأضافت: "نقوم في الجمعية بتنظيم مجموعة من اللقاءات وبالاحتفال بالمناسبات الدينية، الغاية منها هو إحياء الذاكرة المشتركة للمغاربة، نقوم مثلا بتنظيم إفطار في رمضان حيث يجتمع المغاربة باختلاف دينهم حول نفس المائدة".
وأوضحت دليل أن المسلمين يحتفلون من جهتهم بميمونة، وهو طقس متجذر في الثقافة اليهودية المغربية.
شاهد احتفالات "ميمونة" عام 2016:
جمعية ميمونة، إطار غير حكومي تأسس عام 2007، وفي عام 2011 نظمت الجمعية ندوة دولية حول الهولوكوست، وصفتها نيويورك تايمز بـ" الأولى من نوعها في العالم العربي"، وحظي اللقاء بدعم ورعاية عاهل البلاد.
وأوضحت دليل أن الاستقرار السياسي الذي يعيشه المغرب من العوامل التي تجعل اليهود يستقرون فيه.
وتابعت "يتمتع المغرب اليوم بمستوى أمان عال مقارنة بدول المنطقة. فيعيش اليهود بأمان بجانب المسلمين، يتعاملون تجاريا مع بعضهم البعض و يعايدون بعضهم البعض في الأعياد والمناسبات.
وقال رئيس فدرالية اليهود المغاربة بواشنطن شارل دحان من جانبه إن الكثير من اليهود المغاربة يريدون الآن العودة إلى الاستقرار بالمغرب.
"معظم اليهود المستقرين حاليا بالمغرب من كبار السن، ويفكر الكثير من اليهود المستقرين خارج البلاد في العودة إليه ومعظمهم من الجيل الجديد، الذين ازدادوا خارج المغرب، يريدون العودة للتعرف على بلدهم وموطن أجدادهم"، يتابع لموقع الحرة.
واستعرض المتحدث مجموعة من العوامل التي حافظت على روابط التعايش بين المغاربة، ويضيف قائلا "المغرب أفضل بلد في العالم العربي، إنه بلد الاستقرار السياسي والاقتصادي".
من الأوراش أيضا الرامية إلى إعادة الاعتبار لليهود المغاربة، مبادرة رسمية أخرى أمرت بإعادة الأسماء الأصلية إلى الحي اليهودي في مدينة مراكش، وعنها يقول دحان: "تصور معي أن يعود مغربي إلى هذه المدينة ويجد أن الحي الذي ترعرع فيه يحمل اسم عائلته حتما سيكون له أثر بليغ".
صور الحي اليهودي "الملاح" بمراكش:
خاص بموقع الحرة
La voix des communautes en arabe-1961-صوت الجماعات
صوت الجماعات
سوليكا هاتشويل- شابة يهودية مغربية من مواليد مدينة طنجة سنة 1817
سوليكا هاتشويل
شابة يهودية مغربية من مواليد مدينة طنجة سنة 1817م، يسميها اليهود بالاسم المختصر (سول ) ويسميها المسلمون (زوليخا)، اشتهرت بايمانها القوي وتضحيتها ومأساتها في سبيل تمسكها بدينها اليهودي، بالرغم من صغر سنها، فوهبت حياتها، وأعدمت في ساحة عامة بمدينة فاس عام 1834م، وكان عمرها لا يتجاوز 17 عاما. وقد تم تنفيذ الحكم فيها بتهمة الرِّدة عن الاسلام، وفيما يلي عرض لأطوار قضيتها كما تداولتها كتب التاريخ.
ابتدأت قصة سوليكا المأساوية عندما بلغت سن 14 سنة، حيث تشاجرت مع والدتها المسماة شميحا، لأنها قطعت شعرها الطويل بدون رغبتها، وغادرت أسرتها في غضب، والتجأت الى بيت صديقتها الجارة المسلمة تدعى الطاهرة المسعودي، وكان للطاهرة هذه أخ، أعجب بجمال سوليكا، وهَامَ في حبّها حتى الجنون ، فعرض عليها الأموال والهدايا من كل الأشكال ، إن أسلمت وقبلت أن تتزوجه، لكنها رفضت عطاياه وإغراءه، فوقع هذا الرفض في نفس هذا الشاب موقعا مسّ أعماق نفسه، فقرر أن ينتقم لشرفه، فأشاع كذبته بين الناس أن سوليكا دخلت الى الاسلام بسبب حبّها له، ولما انتشر الخبر بين الناس ، نفت كل ذلك، بأنها لم تسلم، وإن صاحب الإشاعة هو أخ الجارة الذي تحرش بها وأراد أن يغريها بالمال لترتبط به، شريطة إعلان إسلامها، وهذا ما رفضته مطلقا، وما فعَلَهُ ذلك الشاب ما هو إلا للإنتقام.
وقد دفع مركز الشاب الاجتماعي حيث كان من الأغنياء، أن يشتري شهود الزور ، الذين شهدوا بأن الفتاة أسلمت فعلا، عن طيب خاطرها دون أية ضغوط من أحد، واعتبرت مسلمة مرتدة عن الاسلام، وهذه التهمة فظيعة في الدين الاسلامي تقتضي الحكم بالاعدام، فردّت عليهم أمام الملأ بقولتها الشهيرة : (أنا يهودية، وقد ولدت يهودية، وأريد أن أموت يهودية).
وفي سنة 1831م، وبناء على تهمة الردة عن الاسلام الكاذبة، رُفعت قضيتها الى قاضي مدينة طنجة، الذي أمر سوليكا أن تحال الى باشا طنجة العربي عسيدو، وأثناء استجوابها حوْل قضيتها دار بينهما الحوار التالي :
وعَدَ الباشا سوليكا إن تراجعت عن رِدّتها، سوف يحميها من انتقام والديها، وستنال ما يحلو لها من الجواهر والحرير ، وسيزوجها من شاب وسيم، وإذا أصرت على موقفها الرافض، هدّدها الباشا بما يلي : سآمر بأن تقيّدي بالسلاسل ، وتُرمَى للحيوانات البرية المفترسة لتمزيق جسدك، ولن تري ضياء النهار بعد اليوم، وسوف تموتين من الجوع، وسوف تشعُرين بالصرامة في الانتقام، والسخط على من تسبب في غضب النبي.
جواب سوليكا :
أنا سأصبر على تحمل وزن سلاسلك وسوف أقدم أعضائي إلى الحيوانات المفترسة لتمزيقها، وسأتخلى عن ضوء النهار الى الأبد. وسأهلك من الجوع، ومتى سيتم تراكم جميع مصائب الحياة عليّ بأوامرك، سأبتسم لسخطك وغضبك للنبي، لأنه لا هو ولا أنت قادر على التغلب على امرأة ضعيفة، ومن الواضح أن السماوات لن تساعدك في نشر إيمانك.
ووفقا لوعده، قرر الباشا وضع الفتاة في زنزانة بدون نوافذ ولا ضياء، مع سلاسل حول العنق واليدين والرجلين.
ولما استعطف والداها الباشا أن يفك اسرها، هدّدهما بافتدائها بغرامة تعجيزية كبيرة، أو الرجوع الى الاسلام، وأمام عدم قدرتهما على ذلك، عرضا قضيتهما على نائب قنصل اسبانيا بطنجة يدعى (دون جوسي ريكو)، والذي حاول افتكاكها بدون جدوى، وأمام صعوبة قضيتها العويصة، قرر الباشا أن يبعثها الى السلطان مولاي عبدالرحمن بن هشام العلوي بفاس ، لينظر في شأنها، واشترط على والد الفتاة تأدية صوائر النقل والاقتضاء أو يجلد هو 100 جلدة (بالفلقة) على أرجله، ولعدم قدرته على الأداء، قرر القنصل الإسباني خوسي أن يؤدي عنه تلك المصاريف.
وفي سنة 1831م، مَثُلت سوليكا في فاس أمام السطان ، فعين لها القاضي الذي سيتولى النظر في في قضيتها، فاستدعى القاضي حكماء الطائفة اليهودية من الربيين الكبار بفاس ، وعلى رأسهم الربي السرفاتي ، وأنذرهم بأن الفتاة إن لم ترجع الى دينها الاسلامي، فسيقطع راسها، وسيعاقبون هم أيضا، وعلى الرغم من النصائح التي أسداها حكماء الحاخامات إليها، والضغط عليها للرجوع الى دين الاسلام، لإنقاذ حياتها، وإنقاد الطائفة اليهودية أيضا من العقاب، رفضت كل ذلك، فتقرر إدانتها قضائيا كأثيمة مسلمة، وإجبار والدها على أداء واجبات تشييعها، وهناك رآها ابن السلطان وانبهر بجمالها، وحاول هو أيضا إرشادها بالرجوع الى الاسلام، وواجهته بالرفض القاطع، وحكم عليها بالاعدام بقطع رأسها.
وفي سنة 1834م، أي بعد ثلاث سنوات من عمر القضية، تم تنفيذ الحكم بقطع رأسها في الساحة العامة بفاس ، وكان مقررا أن تحرق جثتها بعد موتها، لكن أحد الحاخامات الكبار يدعى رفائيل اتصل بكبار أعيان فاس المتنفذين ورجال المخزن من أصحاب القرار ، وأعطاهم أموالا طائلة، مقابل انتشال جثة التعيسة الصغيرة من المحرقة، لتدفن حسب الشريعة الموسوية.
وقد دلوه على حيلة لأخذها، بحيث لما وضعت الجثة في المحرقة، ألقى الحاخام قطعا نقدية ذهبية كثيرة في الهواء، فاتجهت أنظار المكلفين بحرق الجثة الى جمع النقود المتناثرة على الأرض، وفي تلك اللحظة تمكن أعوان الحاخام من سرقة جثة الفتاة من بين أيديهم، لتدفن في المقبرة اليهودية بفاس كصِدّيقة عظيمة، ودفنت خفية في مقبرة بيت حاييم في الملاح بفاس ، قرب ضريح ربي يوداه بن عطار .
وقد وصف (روميو) هذه المأساة، وتأثُّر وحُزن جميع سكان أهل فاس في يوم إعدامها، وكان ذلك اليوم من جهة أخرى يوم فرح بالنسبة للمتعصبين للدين الاسلامي أمام تعصب الفتاة لدينها اليهودي، أما اليهود بفاس فقد عاشوا في حزن عميق وكآبة مريرة لعدم مقدرتهم على فعل أي شيء، أما فيما يتعلق بموقف السلطان ، فقد أمر الجلاّد أن لا يقتلها في أول الأمر ، بل يصيبها بجرح، لعلها تخاف في آخر لحظة، ومن تم ترجع عما تتمسك به، لكنها رفضت أيضا، وقالت للجلاد كلماتها الأخيرة : (لا تجعلني أنتظر ، إقطع رأسي بضربة واحدة، بذلك سأموت، أنا بريئة من كل جريمة، إله ابراهيم سينتقم لموتي ).
وقد هال الطائفة اليهودية بفاس أمر حياة وممات هذه الفتاة، ووجب عليهم الأداء لاستعادة جثتها المضرجة بالدماء، ورأسها، والتربة التي ستواري جسدها في المقبرة اليهودية، واعتبرت منذ ذلك الحين شهيدة الايمان .
وتأثر لموتها اليهود والمسلمون على السواء، فسماها اليهود بعد ذلك (الصديقة) أي المستقيمة، في حين سماها المسلمون (لالة زوليخا) وأصبح قبرها مقصدا للزوار اليهود والمسلمين معا.
أما وقد أصبحت هذه الفتاة ولية صالحة بالنسبة للعرب، وأصبحت قديسة بالنسبة لليهود، وقبرها مزار يحج اليه الناس من كل مكان، قد يبدو ذلك غريبا نوعا ما، وهذا ما فسّره الكاتب ليون غودار في كتابه (وصف وتاريخ المغرب) المنشور في عام 1860م فقال : وعلى الرغم من عدم تسامحهم، فالمغاربة مع تناقضهم على الأقل كما يبدو ، يكرّمون قديسي الديانات الأخرى، أو يطلبون ممن يدعونهم بالكفار البركات من صلواتهم، وفي فاس ، يُحيي الشباب نوعا من الطقوس إحياء لذكرى فتاة طنجة سوليكا اليهودية، التي لقيت حتفها في عصرنا تحت التعذيب الوحشي ، لتتخلي عن شريعة موسى ، أو تجددها كما تقدمت به، مقابل الرضوخ لإغراءات الحب والملذات.
وقد نقش على شاهد قبرها العبارة التالية بالعبرية والفرنسية: {هنا ترقد الآنسة سوليكا هاتشويل المولودة في طنجة سنة 1817م، رافضة الدخول في الدين الاسلامي، وقد قتلها العرب في فاس سنة 1834م، انتزعوها من عائلتها، والجميع يأسف لهذه الطفلة القديسة}.
وذكر الرحالة اسرائيل جوزيف بنجامان عندما زار المغرب في أواسط القرن 19م، أن جيران هذه الفتاة حكوا له عنها فقالوا : أبدا لن يَشرق ضوء شمس افريقيا على جمال أكثر كمالا من هذه الفتاة، إنها خطيئة إنسانية في حق هذه الجوهرة الكريمة، التي يملكها اليهود، وسوف تكون هذه جريمة من سمحوا في هذا الجمال .
وصارت مع الزمن، تضحية سوليكا هاتشويل بحياتها، مصدر إلهام للرسامين والأدباء والكتاب، وقد كتب أحد الكتاب تفصيلا لما حدث استنادا إلى مقابلات شهود عيان من قبل يوجينيو ماريا روميرو. كما نشرت شركة مارتينو استشهاد الشابة اليهودية في عام 1837م، وقامت احدى دور الأوبرا بتشخيص هذه الحادثة في مسرحية بعنوان (خادمة من طنجة) وقصتها أيضا موضوع أغنية فرانسواز بعنوان الرومانسيات السفارديم، وساندرا وجون ماكلين في ألبوم الأغاني اليهودية في عام 1860م، والفنان الفرنسي ألفريد دهودينك، الذي رسم لوحة مستوحاة من حياة وموت هاتشويل رسم فيها تنفيذ الحكم على اليهودية المغربية، في لوحة عرضت في المتحف اليهودي في عام 2012م.
وللشابة سوليكا هاشويل أخ أكبر يدعى عاشر هاتشويل ، وكان والدها حاييم تاجرا يدير مدرسة دينية صغيرة في المنزل ، بهدف الحفاظ على المعتقدات اليهودية.
وإذا حللنا هذه القضية تحليلا معمقا، نخلُص الى أن أصل هلاك هذه الضحية المسكينة، يعود بالأساس الى ذلك الشاب اللئيم الخبيث الذي نظر الى مظهرها الخارجي، ولم يتدبر في أعماقها وأخلاقها وايمانها، ولم ينظر إليها بعين العطف والإنسانية، ولنتساءل هنا، تُرى هل تتبع هذا المجرم من طنجة مصير جارته الصغيرة بفاس ، وهل ندم على فعلته الشنيعة، وهل لديه شجاعة سوليكا فيطير الى فاس ويقف أمام الملأ في يوم الإعدام، ويعلن بأعلى صوته أن هذه الطفلة بريئة، وأنا الذي راودتها عن نفسها فاستعصمت، ولن أتسبب اليوم في قطع رأسها، وسلب روحها الزكية، ووضع حد لنفسها الطاهرة.
وربما ستنقلب الأمور رأسا على عقب، وستكون بادرته فرجا وحلا لسلسلة من المواقف المرتبطة ابتداء من حيرة السلطان ورأفة ابنه الأمير وموقف الباشا وتدخل نائب القنصل ومسؤولية القضاة وعجز الحاخامات وحزن والدي الفتاة، وسيكون شخصه عند العامة محترما ونبيلا.
أما الشابة سوليكا بعد تحرير رقبتها سيكون لديها موقف آخر من سماحة الديانات الاسلامية واليهودية والمسيحية، وأنها ديانات سماوية نزلت على الإنسانية بالبراهين الساطعة، وهي الكتب المقدسة القرآن والتوراة والانجيل، وربما ستنظر أيضا الى هذا الشاب المنقذ لحياتها والمعلن براءتها، نظرة أخرى ملؤها التقدير والاحترام، وستعلن بملء شفتيها الصغيرتين، وتقول : الآن حصحص الحق ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وأشهد أن موسى وعيسى وسائر الأنبياء رسُل الله.