اليهود فيُإفريقياُخاللُفتر ة االستعمارُوماُبعدها –

محمد المدلاوي المنبهي

Mohamed Elmedlaoui

http://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques

 

اليهود فيُإفريقياُخاللُفتر ة االستعمارُوماُبعدها – ندوةُدوليةُ-

جامعة كاب-تاون (جنوب إفريقيا): 22-24 غشت 2016

"تكريس 'الرافد العبري' في الدستور المغربي: أ سـ سه ودالالته"

(أصل العرض باللغة اإلنجليزية)

محمد المدالوي

المعهد الجامعي للبحث العلمي / جامعة محمد الخامس بالرباط

— ملخصُالعرض –

(في انتظار نشر ترجمة النص األصلي الكامل التي أعد ها ذ. عبد اللطيف معزوز)

لمحةُتاريخيةُعنُالجماعاتُاليهوديةُالمغربية

عنصر الجماعات اليهودية أو المته ودة عنص ر دائم الحضور في وثائق تاريخ المغرب خاصة، وشمال إفريقيا عامة، منذ بدايات توفر الوثيقة التاريخية بجميع أنواعها ولغاتها المتعاقبة وحواملها المختلفة. ولقد ع طبع هذا الحضور المستمر بطابعه جمي األبعاد، البشرية والسوسيو-اقتصادية والسياسية والديبلوماسية والثقافية الفلوكلورية والفنية والروحية، للكيان المغربي بأشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة عبر تطور هذا البلد وتعاقب د وله، بأحداثها، وأعماقها اإلفريقية، وامتداداتها التاريخية في العدوة الشمالية للمتوسط، وما يزال ذلك العنصر فاعال إلى اليوم.

ولقد شكل الظهور األول لتلك الجماعات بشمال إفريقيا موضوع فرضيات عدة مختلفة. فبعض الروايات ذات الطابع المناقبي األسطوري ترفع ذلك الظهور إلى حقبة تخريب الهيكلُاألول )587 ق.م(، وذلك على أساس تأويالت تلموذية ب عدي ة )1954 Laredo .)وتورد نصوص أخرى أكثر جد ية )المؤرخ الالتيني Tertullien ،150-220 ميالدية( إشارات تفيد أن "أن بعض الجماعات األمازيغية كانت تلتزم بطقوس السبت واألعياد والصوم وبالقيود اليهودية في باب األطعمة واألشرية". ومن بين حاوالي الخمسين كلمة التي يتشكل منها النص المزدوج اللغة )أمازيغي-بونيقي( الذي ن قش كإهداء على ضريح الملك األمازيغي ماسينيسا )238-148 ق.م(، وردت كلمة שופט )التي تعني "قاض/ حاكم" في اللغة العبرية وفي بعض خم س مرا ت كلقب ألسالف ذلك الملك ممن ذ كرت أسماؤهم في اإلهداء. وقد تحدث اللغات الكنعانية( مؤرخو اإلسالم بدورهم، في نوع من الغموض، عن ملكة أمازيغية قيل إن لها عالقة باليهودية أو بالته ود، فأطلقوا عليها، بناء على ذلك، لقب "الكاهنة"؛ وهي التي أبدت أشرس مقاومة للجيوش العربية الفاتحة لشمال إفريقيا في القرن السابع الهجري. ومن بين المجموعات والقبائل التي عملت أول دولة إسالمية في المغرب )دولة األدارسة( على محاربتها قصد إرساء سلطتها الجديدة، يتحدث المؤرخون عن "بعض القبائل اليهودية والنصرانية". وفي البدايات األولى لقيام حكم األسرة العلوية الحالية، كان من بين اإلجراءات الجيو-استراتيجية التي اتخذها السلطان موالي رشيد من أجل بسط سلطته نحو المغرب األطلنتيكي، انطالقا من الشرق عبر مضيق تازة، هو تحييد القوة االقتصادية والشبه عسكرية النافذة لما يشبه إمارة أو إقطاعية في مدينة تازة ونواحيها تحت إمرة اليهودي هارون بن مشعل.

وخالل القرون األخيرة لهذه الحقبة اإلسالمية، في موازاة، ثم في استمرارية لما كان سائدا في العدوة الشمالية لمغرب العدوتين، تألقت عدة شخصيات يهودية ولعبت أدوارا في الصف األول ذات تأثير ونفوذ في ميادين االقتصاد والمالية والعلوم الدينية والفلسفية واللغوية وفي ميادين الثقافة والفنون والسياسة ر الرسمية وحتى المعا ضة في إطار الدولة المغربية بمختلف مكوناتها إلى يومنا هذا، وآخر رموز ذلك القبيل من الشخصيات في الميدان األخير )السياسة( بالمغرب الحديث هم أمثال ابن زاقين، جاك طوليدانو، روبيرت أص راف، أندري أزوالي، سيرج بيردو ًكو، ابراهام السرفاتي، صيون أسيدون، شمعون ليفي، الخ.

المغاربةُاليهود، واليهوديةُالكونية،ُوالصهيونيةُالسياسية، والحمايةُالفرنسية

على خالف كثير من الجماعات اليهودية بشرق ووسط إفريقيا مثال، ظلت الجماعات اليهودية المغربية على اتصال فكري عضوي، منتظم ومستمر عبر التاريخ، بينابيع الفكر اليهودي المشرقي في فلسطين وبابل خا صة، باعتبارها لتلك األصول ولمصادرها الكتابية ورموزها البشرية مث ـ ـ ها األعلى ومصد ر ـلـ مشروعيتها األو ل كجماعات يهوديةُذاتُخصوصياتُمغربية. فجميع الحركات الفكرية والروحية الكبرى التي طبعت اليهودية المشرقية عبر التاريخ )الحركات المهدوي ة مثال( تجد لها صدى بشكل أو بآخر في وثائق الجماعات اليهودية المغربية، وذلك حتى في المراكز القروية البعيدة كـمركز "إيليغ" على سبيل المثال، زيادة على تواصل العنصر البشري المباشر عبر حركة رحالتُالحجُفيُاتجاهُفلسطين ورحالت الدعاةُوجامعيُالصدقاتُالقادمين من المشرق. وعلى خالف ذلك، من جهة ثانية، لم يكن للجماعات اليهودية المغربية تواص ل منتظم وفع ال مع جماعاتُيهودُأوروبا الحديثة، بما كان يمور فيها بعد النهضة األوروبية وما يقابله من حركةُالتنويرُاليهودي المعروفة بـ"الهاسكاال". وحتى بعد ظهور الصهيونيةُ السياسية الحديثة )في مقابل الصهيونيةُالمهدويةُالروحية(، لم يكن ذلك التواصل تا ما؛ وذلك بسبب حاجز اللغة )األلمانية أو الياديش(، مما جعل يهود المغرب وشمال أفريقيا عا مة آخر من م ستهم تلك حت ى "السياسةُاليهودية" لفرنسا في الجزائر مثال الحركة بعد قيام دولة إسرائيل. وزيادة على ذلك، ف )قوانين كري ميو 1870 ،وقوانين فيشي 1940 )لم يكن لها مقابل في المغرب في ظل نظام الحماية الفرنسية بعد إقامتها. وبالمقابل، فإن العملُالتربويُللشبكةُالمدرسيةُللرابطةُاليهوديةُالعالمية )AIU،) الذي بدأ مباشرة بعد حرب تطوان وانطلق من تلك المدينة إلى غيرها من المدن وحتى القرى بعد ذلك بحوالي قرن، هو العمل الذي كان له مفعولُجوهريُحاسمُفيُإحداثُشرخُهوياتيُوسوسيو-سياسيُ وأيديو-سياسيُعميقُفيُصفوفُالمجتمعُالمغربيُعلىُمستوىُمكوناتهُعلىُمستوى البعدُالملي. إنه المفعول الذي أفضى إلى تحريك عجلة آلة الهجرة االختيارية أو التهجير الجماعي الكبير لليهود المغاربة بعد إقامة دولة إسرائيل وما تداخل مع ذلك القيام من سيادة أيديولوجية القومية العربية بأصدائها في مغرب الحركة الوطنية ومغرب العقود األولى لالستقالل. لكن تلك الجماعات ظلت من جهة ثانية، وإلى اليوم، مرتبطة عضويا، على المستوى الروحي والثقافي والعاطفي، بأرض المغرب عبر شبكةُمنُالمزاراتُ وأضرحةُالصالحينُمنُمختلفُالعياراتُوالدرجات )وبعض تلك المزارات والصالحين مشترك في تكريمها بين اليهود والمسلمين(، وعبر ما ن سج حول كل ذلك من أدبيات مناقبيّة غنيّة.

اليهود المغاربة اليو م ا

على الرغم من التضاؤل الشديد للجماعات اليهودية المغربية، التي استحالت، بعد الهجرات الكبرى، إلى حوالي 1 % من عددها لبداية الخمسينات من القرن-20 ،فقد استمرت هذه الجماعات في االحتفاظُبحضورُ ومشهوديّةُبالمغرب على مختلف األصعدة، االقتصادية، والسياسية، والديبلوماسية، والثقافية، كما كان عليه الشأن منذ القرون الوسطى وأكثر. أما على صعيد شتات الدياسبورة، فتظل جماعات اليهود المغاربة، عبر العالم، من أمتن الجاليات اليهودية تنظيما وهيكلةً من خالل مختلف فيديرالياتها القطرية والجهوية والعالمية المؤ ّسسة على أبعاد خصوصيتها المغربية. أما على الصعيد الداخلي بمغرب اليوم، فإن ما طبع المجتمع المغربي الحالي عامة من تطور في ما يخص تصور مقوماتُالهويةُالمغربية، خصوصا بعد الخطابُالملكيُبأجدير )2001 ،)والظهيرُالملكي المحدث للمعهد الملكي للثقافة األمازيغية، قد د شن عهدا وجت، في باب ما يتعلق فكريا جديدا قوامه خطط وبراديغمات سوسيو-سياسية وسوسيو-ثقافية متجد دة، ت بالمكون اليهودي للمجتمع المغربي، بما ورد في ديباجة الدستور الجديد )2011 )من تكريس لـ"الرافدُ العبري" كأحد عناصر "الهوية المغربية التعددية التي ال تقبل التجزيء". ولقد مهدت لذلك التطور م السوسيو-سياسي المؤ سـسي، ث وواكبته، حركي ة فكريةُوأدبيةُوفنيةُوأكاديمية ما تزال جارية إلعادة ما كان قد توارى في ظل حي ز الوعي من أوجه ذلك الرافد إلى منطقة الضوء من ذلك الحي ز.

عودةُالتراثُاليهوديُالمغربيُإلىُمركزُاالهتمام

مع التضاؤل العددي الحاد للجماعات اليهودية المغربية المشار إليه أعاله، أصبح التراث المغربي اليهودي م يشكل صلب رهان اهتمام الجميع في المغرب وخارجه. فلم يعد ا الهتما به في المغرب، رعايةً وإنعاشا، مقصورا على المؤسسات والهياكل التنظيمية الخاصة بما تبق ى من تلك الجماعات، التي سبق أن تمي زت في هذا الباب بتأسيس "متحفُالتراثُاليهوديُالمغربي" بالدار البيضاء، الذي يشكل المتحف الوحيد من نوعه في كامل شمال إفريقيا والشرق األوسط. فقد تم كذلك إنجازُكثيرُمنُالمشاريعُفيُهذاُالبابُمنُ طرفُمختلفُالوزاراتُالمعنية )كوزارتي الثقافة واألوقاف(، وذلك بتوجيهُورعايةُمنُعاهلُالبالد، كما أطلقت مشاريع أخرى هي قيد اإلنجاز. وبينما كانت األوساط األكاديمية قد شرعت منذ ثالثة عقود في االهتمام ُاألكاديمي بأوجه الرافد العبري، ولو على ُشكل ُمبادرات ُفردية )رسائل وأطروحات ومنشورات(، فقد أخذ المجتمع المدني في السنوات األخيرة ينخرط بدوره في نفس االتجاه؛ وآخر مج رد مثال لذلك االنخراط هو "جميعةُأصدقاءُمتحفُالتراثُاليهوديُالمغربي" التي تأ سـست مؤخرا وشرعت في إنجاز برامجها في الداخل والخارج، والتي تميزت بكون مكتبها المسيّرُالحاليُيتكونُمنُمسلمينُ ويهود على ُأساسُمن المناصفة. لقد تم كل ذلك، ألن التراكم المستمر للمعرفة ُاألكاديمية منذ ثالثة عقود، في جو من الفكرُالتعدديُالجديد، قد خلق وعيا متزايدا، ما فتئ يت سع، بأن الثقافة المغربية في عموميتها وتعدد أوجهها ومستوياتها العالمة والفلكلورية متداخلة علىُهذاُالصعيد تداخالُمتبادالُذهاباُ وإياباُعبرُالتاريخُمعُما يشكلُخصوصيةُاليهوديةُالمغربية.

كل هذه العناصر البنيوية، وتلك التطورات الفكرية والمؤسسية الحديثة المذكورة، إضافة إلى العمق التاريخي المشار إليه، هو ما يشكل أساس وخلفيات تكريس الدستور المغربي للرافد العبري كمقوم من مقومات الهوي ة والخصوصية المغربية

رابط نحو شريط إلقاء العرض في صيغته األصلية باإلنجليزية

 

 

הירשם לבלוג באמצעות המייל

הזן את כתובת המייל שלך כדי להירשם לאתר ולקבל הודעות על פוסטים חדשים במייל.

הצטרפו ל 227 מנויים נוספים
נובמבר 2016
א ב ג ד ה ו ש
 12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
27282930  
רשימת הנושאים באתר